Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 178-182)

Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى } نزلت في حَيَّينِ من العرب أحدهما أشرف من الآخر ، فقتل الأوضع من الأشرف قتلى ، فقال الأشرف : لنقتلنَّ الحرَّ بالعبد ، والذَّكر بالأنثى ، ولَنُضاعِفَنَّ الجراح ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . وقوله : { كُتب } : أُوجب وفُرض { عليكم القصاص } اعتبار المماثلة والتَّساوي بين القتلى ، حتى لا يجوز أن يقتل حرٌّ بعبدٍ ، أو مسلمٌ بكافرٍ ، فاعتبارُ المماثلةِ واجبٌ ، وهو قوله : { الحرُّ بالحرِّ والعبدُ بالعبدِ والأنثى بالأنثى } ودلَّ قوله في سورة المائدة : { أنَّ النَّفس بالنَّفس } على أنَّ الذَّكر يُقتل بالأنثى فيقتل الحرُّ بالحرَّة { فمن عفي له } أَيْ : تُرك له { من } دم { أخيه } المقتول { شيءٌ } وهو أن يعفو بعض الأولياء فيسقط القود { فاتباع بالمعروف } أَيْ : فعلى العافي الذي هو ولي الدَّم أن يتبع القاتل بالمعروف ، وهو أن يطالبه بالمال من غير تشدُّد وأذىً ، وعلى المطلوب منه المال { أداءٌ } تأدية المال إلى العافي { بإحسانٍ } وهو ترك المطل والتَّسويف . { ذلك تخفيفٌ من ربكم ورحمة } هو أنَّ الله تعالى خَيَّرَ هذه الأمَّة بين القصاص والدية والعفو ، ولم يكن ذلك إلاَّ لهذه الأُمَّة { فمن اعتدى } أَيْ : ظلم بقتل القاتل بعد أخذ الدية { فله عذابٌ أليم } . { ولكم في القصاص حياة } أَيْ : في إثباته حياةٌ ، وذلك أنَّ القاتل إذا قُتل ارتدع عن القتل كلُّ مَنْ يهمُّ بالقتل ، فكان القصاص سبباً لحياة الذي يُهَمُّ بقتله ، ولحياة الهامِّ أيضاً ؛ لأنه إنْ قَتلَ قُتل { يا أولي الألباب } يا ذوي العقول { لعلكم تتقون } [ إراقة ] الدِّماء مخافة القصاص . { كتب عليكم … } الآية . كان أهل الجاهليَّة يُوصون بمالهم للبعداء رياءً وسُمعةً ، ويتركون أقاربهم [ فقراء ] ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . { كتب عليكم } فُرض عليكم وأُوجب { إذا حضر أحدكم الموت } أَيْ : أسبابه ومُقدِّماته { إنْ ترك خيراً } مالاً { الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف } يعني : لا يزيد على الثلث { حقاً } أي : حقَّ ذلك حقَّاً { على المتقين } الذين يتَّقون الشِّرك ، وهذه الآية مسنوخةٌ بآية المواريث ، ولا تجب الوصية على أحدٍ ، [ ولا تجوز الوصية للوارث ] . { فَمَنْ بدَّله بعد ما سمعه } أَيْ : بدَّل الإِيصاء وغيَّره من وصيٍّ ووليٍّ وشاهدٍ بعد ما سمعه عن الميت { فإنما إثمه } إثم التَّبديل { على الذين يبدلونه } وبَرِىءَ الميِّت { إن الله سميع } سمع ما قاله المُوصي { عليم } بنيَّته وما أراد ، فكانت الأولياء والأوصياء يمضون وصيه الميت بعد نزول هذه الآية وإن استغرقت المال ، فأنزل الله تعالى : { فمن خاف } أَيْ : علم { من موصٍ جنفاً } خطأً في الوصية من غير عمدٍ ، وهو أن يُوصي لبعض ورثته ، أو يوصي بماله كلِّه خطأً { أو إثماً } أَيْ : قصداً للميل ، فَخافَ في الوصية وفعل ما لا يجوز مُتعمِّداً { فأصلح } بعد موته بين ورثته وبين المُوصى لهم { فلا إثم عليه } أَيْ : إِنَّه ليس بمبدلٍ يأثم ، بل هو متوسطٌ للإِصلاح ، وليس عليه إثمٌ .