Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 189-195)

Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يسألونك عن الأهلَّة } يسأل معاذ بن جبلٍ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن زيادة القمر ونقصانه ، فأنزل الله تعالى : { يسألونك عن الأهلة } وهي جمع هلال { قل هي مواقيت للناس والحج } أخبر الله عنه أنَّ الحكمة في زيادته ونقصانه زوال الالتباس عن أوقات النَّاس في حجِّهم ومَحِلِّ دُيونِهم ، وعِدَدِ نسائهم ، وأجور أُجرائهم ، ومُدَد حواملهم ، وغير ذلك { وليس البرُّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها } كان الرَّجل في الجاهليَّة إذا أحرم نقب من بيته نقباً من مؤخره يدخل فيه ويخرج ، فأمرهم الله بترك سنَّة الجاهليَّة ، وأعلمهم أنَّ ذلك ليس ببرٍّ { ولكن البرَّ } برُّ { من اتقى } مخالفةَ الله { وأتوا البيوت من أبوابها … } الآية . { وقاتلوا في سبيل الله … } الآية . نزلت هذه الآية في صلح الحديبية ، وذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا انصرف من الحديبية إلى المدينة المنورة حين صدَّه المشركون عن البيت ، صالحهم على أن يرجع عامة القابل ويُخَلُّوا له مكَّة ثلاثة أيَّام ، فلمَّا كان العام القابل تجهزَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرة القضاء ، وخافوا أن لا تفي لهم قريشٌ وأن يصدُّوهم عن البيت ويقاتلوهم ، وكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتالهم في الشَّهر الحرام في الحرم ، فأنزل الله تعالى : { وقاتلوا في سبيل الله } أَيْ : في دين الله وطاعته { الذين يقاتلونكم } يعني : قريشاً { ولا تعتدوا } ولا تظلموا فتبدؤوا في الحرم بالقتال . { واقتلوهم حيث ثقفتموهم } وجدتموهم وأخذتموهم { وأخرجوهم من حيث أخرجوكم } يعني : من مكَّة { والفتنة أشدّ من القتل } يعني : وشركُهم بالله تعالى أعظمُ من قتلكم إيَّاهم في الحرم { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه } نُهوا عن ابتدائهم بقتلٍ أو قتالٍ حتى يبتدىء المشركون { فإن قاتلوكم فاقتلوهم } أَيْ : إن ابتدؤوا بقتالكم عند المسجد الحرام فلكم القتال على سبيل المكافأة ، ثم بيَّن أنهم إن انتهوا ، أَيْ : كفُّوا عن الشِّرك والكفر والقتال وأسلموا { فإنَّ الله غفور رحيم } أَيْ : يغفر لهم كفرهم وقتالهم من قبل ، وهو منعمٌ عليهم بقبول توبتهم وإيمانهم بعد كفرهم وقتالهم . { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } أَيْ : شركٌ . يعني : قاتلوهم حتى يُسلموا ، وليس يُقبل من المشرك الوثنيِّ جزيةٌ { ويكون الدين } أَيْ : الطَّاعة والعبادة { لله } وحده فلا يُعبد دونه شيءٌ { فإن انتهوا } عن الكفر { فلا عدوان } أَيْ : فلا قتل ولا نهب { إلاَّ على الظالمين } والكافرين . { الشهر الحرام بالشهر الحرام } أَيْ : إن قاتلوكم في الشَّهر الحرام فقاتلوهم في مثله { والحرمات قصاص } أَي : إن انتهكوا لكم حرمةً فانتهكوا منهم مثل ذلك ، أَعلمَ الله سبحانه أنَّه لا يكون للمسلمين أنْ ينتهكوها على سبيل الابتداء ، ولكن على سبيل القصاص ، وهو معنى قوله : { فمن اعتدى عليكم … } الآية . { وأنفقوا في سبيل الله } في طاعة الله تعالى من الجهاد وغيره { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ولا تُمسكوا عن الإِنفاق في الجهاد { وأحسنوا } أَيْ : الظنَّ بالله تعالى في الثَّواب والإِخلاف عليكم .