Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 259-260)
Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أو كالذي مرَّ على قرية } [ عطفٌ على المعنى لا على اللفظ ، كأنه قال : أرأيت الذي حاجَّ ، أو كالذي مرَّ ] وهو عزيرٌ { على قرية } وهي إيليا { وهي خاوية } ساقطةٌ مُتهدِّمةٌ { على عروشها } أي : سقوفها { قال : أنى يحيي هذه الله } أَيْ : من أين يُحيي هذه الله { بعد موتها } يعمرها بعد خرابها ؟ ! استبعد أَنْ يفعل الله ذلك ، فأحبَّ الله أن يُريه آيةً في نفسه في إحياء القرية { فأماته الله مائة عام } وذلك أنه مرَّ بهذه القرية على حمارٍ ومعه ركوة عصيرٍ ، وسلةُ تينٍ ، فربط حماره ، وألقى الله عزَّ وجلَّ عليه النَّوم ، فلمَّا نام نزع الله عزَّ وجلَّ روحه مائة سنةٍ ، فلمَّا مضت مائة سنةٍ أحياه الله تعالى ، وذلك قوله : { ثمَّ بعثه } { قال كم لبثت } كم أقمت ومكثت ها هنا ؟ { قال : لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك } أَي : التِّين { و } إلى { شرابك } أي : العصير { لم يتسنَّه } أَيْ : لم يتغيَّر ولم ينتن بعد مائة سنةٍ ، وأراه علامة مكثه مائة سنةٍ . ببلى عظام حماره ، فقال : { وانظر إلى حمارك } فرأى حماره ميتاً ، عظامه بيضٌ تلوح { ولنجعلك آية للناس } الواو زائدة ، والمعنى : لبثتَ مائة عامٍ لنجعلك آيةً للنَّاس ، وكونه آيةً أَنْ بعثه شابّاً أسود الرَّأس واللِّحية ، وبنو بنيه شِيبٌ { وانظر إلى العظام } أَيْ : عظام حماره { كيف نُنْشِزُها } أَيْ : نحييها ، يقال : أَنشرَ اللَّهُ الموتى ، وقرىء : { ننشزها } أَيْ : نرفعها من الأرض ، ونشوز كلِّ شيءٍ : ارتفاعه { ثم نكسوها لحماً فلما تبيَّن له } شاهدَ ذلك { قال : أعلم أنَّ الله على كلِّ شيء قدير } أَيْ : أعلم العلم الذي لا يعترض عليه الإِشكال ، وتأويله : إنِّي قد علمت مُشاهدةً ما كنت أعلمه غيباً . { وإذ قال إبراهيم ربِّ أرني كيف تحيي الموتى } وذلك أنَّه رأى جيفةً ساحل البحر يتناولها سباع الطير والوحش ودوابُّ البحر ، ففكَّر كيف يجتمع ما قد تفرَّق منها ، وأحبَّ أن يرى ذلك ، فسأل الله تعالى أن يُريه إحياء الموتى ، فقال الله تعالى : { أو لم تؤمن } ألست آمنت بذلك ؟ { قال بلى ولكن ليطمئن قلبي } بالمُعاينة بعد الإِيمان بالغيب { قال : فخذ أربعة من الطير } طاوُساً ونسراً وغراباً وديكاً { فصرهنَّ إليك } أَيْ : قطِّعهنَّ ، كأنَّه قال : خذ إليك أربعة من الطَّير فقطعهنَّ { ثمَّ اجعل على كلِّ جبلٍ منهنَّ جزءاً } ثمَّ أُمر أن يخلط ريشها ولحومها ، ثمَّ يفرِّق أجزاءها بأن يجعلها على أربعة أجبلٍ ففعل ذلك إبراهيم ، وأمسك رؤوسهنَّ عنده ، ثمَّ دعاهنَّ فقال : تعالين بإذن الله ، فجعلت أجزاء الطُّيور يطير بعضها إلى بعض حتى تكاملت أجزاؤها ، ثمَّ أقبلن على رؤوسهنّ فذلك قوله : { ثم ادعهنَّ يأتينك سعياً واعلم أنّ الله عزيز } لا يمتنع عليه ما يريد { حكيم } فيما يدبِّر ، فلمَّا ذكر الدَّلالة على توحيده بما أتى الرُّسل من البيِّنات حثٍّ على الجهاد والإِنفاق فيه .