Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 278-282)
Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا } نزلت في العباس وعثمان رضي الله عنهما طلباً رباً لهما كانا قد أسلفا قبل نزول التَّحريم ، فلمَّا نزلت هذه الآية سمعا وأطاعا ، وأخذا رؤوس أموالهما ، ومعنى الآية : تحريم ما بقي ديناً من الرِّبا ، وإيجاب أخذ رأس المال دون الزِّيادة على جهة الرِّبا ، وقوله : { إن كنتم مؤمنين } أَيْ : إنَّ مَنْ كان مؤمناً فهذا حكمه . { فإن لم تفعلوا } فإن لم تذروا ما بقي من الرِّبا { فأذنوا } فاعلموا { بحرب من الله ورسوله } أَيْ : فأيقنوا أنَّكم في امتناعكم من وضع ذلك حربٌ لله ورسوله { وإن تبتم } عن الرِّبا { فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون } بطلب الزِّيادة { ولا تُظلمون } بالنُّقصان عن رأس المال . { وإنْ كان ذو عسرة } أَيْ : وإن وقع غريم ذو عسرة ] { فنظرةٌ } أَيْ : فعليكم نظرةٌ ، أَيْ : تأخيرٌ { إلى ميسرة } إلى غنىً ووجود المال { وأن تصدقوا } على المعسرين برأس المال { خيرٌ لكم } . { واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله } يعني : يوم القيامة تُرَدُّون فيه إلى الله { ثمَّ توفى كلُّ نفسٍ ما كسبت } أَيْ : جزاء ما كسبت من الأعمال { وهم لا يظلمون } لا ينقصون شيئاً ، فلمَّا حرَّم الله تعالى الرِّبا أباح السِّلَم فقال : { يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مُسمَّىً } أَيْ : تبايعتم بدين { فاكتبوه } أمرَ الله تعالى في الحقوق المؤجَّلة بالكتابة والإِشهاد في قوله : { واشهدوا إذا تبايعتم } حفظاً منه للأموال ثمَّ نسخ ذلك بقوله : { فإن أمن بعضكم بعضاً … } الآية . { وليكتب بينكم } بين المُستدين والمدين { كاتب بالعدل } بالحقِّ والإِنصاف ، ولا يزيد في المال والأجل ولا ينقص منهما : { ولا يَأْبَ كاتبٌ أن يكتب } أي : لا يمتنع من ذلك إذا أُمر وكانت هذه عزيمةً من الله واجبة على الكاتب والشَّاهد ، فنسخها قوله : { ولا يضارَّ كاتب ولا شهيدٌ } ثمَّ قال : { كما علَّمه الله فليكتب } أَيْ : كما فضَّله الله بالكتابة { وليملل الذي عليه الحق } أَيْ : الذي عليه الدِّين يملي ؛ لأنَّه المشهود عليه فيقرُّ على نفسه بلسانه ليعلم ما عليه { ولا يَبْخَسْ منه شيئاً } أُمِرَ أَنْ يُقِرَّ بمبلغ المال من غير نقصان { فإن كان الذي عليه الحقُّ } [ أي : الدَّين ] { سفيهاً } طفلاً { أو ضعيفاً } عاجزاً أحمق { أو لا يستطيع أن يملَّ هو } لخرسٍ أو لعيٍّ { فليملل وليه } وارثه أو مَنْ يقوم مقامه { بالعدل } بالصدق والحقِّ { واستشهدوا } وأشهدوا { شهيدين من رجالكم } أَيْ : من أهل ملَّتكم من الأحرار البالغين ، وقوله : { ممن ترضون من الشهداء } أَيْ : من أهل الفضل والدِّين { أن تضلّ أحداهما } تنسى إحداهما { فتذكر إحداهما الأخرى } الشَّهادة { ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا } لتحمُّل الشَّهادة وأدائها { ولا تسأموا أن تكتبوه } لا يمنعكم الضَّجر والملالة أن تكتبوا ما أشهدتم عليه من الحقِّ { صغيراً أو كبيراً إلى أجله } إلى أجل الحقِّ { ذلكم } أَيْ : الكتابة { أقسط } أعدل { عند الله } في حمكه { وأقوم } أبلغ في الاستقامة { للشهادة } لأنَّ الكتاب يُذكِّر الشُّهود ، فتكون شهادتهم أقوم { وأدنى ألا ترتابوا } أيْ : أقرب إلى أن لا تشكُّوا في مبلغ الحقِّ والأجل { إلاَّ أن تكون } تقع { تجارة حاضرة } أَيْ : متجرٌ فيه حاضر من العروض وغيرها ممَّا يتقابض ، وهو معنى قوله : { تديرونها بينكم } وذلك أنَّ ما يُخاف في النَّساء والتأجيل يؤمن في البيع يداً بيدٍ ، وذلك قوله : { فليس عليكم جناحٌ إلاَّ تكتبوها وأَشْهِدوا إذا تبايعتم } قد ذكرنا أنَّ هذا منسوخ الحكم فلا يجب ذلك { ولا يضارَّ كاتب ولا شهيد } نهى الله تعالى الكاتب والشَّاهد عن الضِّرار ، وهو أن يزيد الكاتب أو ينقص أو يحرِّف ، وأن يشهد الشَّاهد بما لم يُستشهد عليه ، أو يمتنع من إقامة الشَّهادة { وإنْ تفعلوا } شيئاً من هذا { فإنه فسوق بكم } .