Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 38-44)

Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هنالك } أَيْ : عند ذلك { دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك } أَيْ : من عندك { ذريةً طيبةً } أَيْ : نسلاً مباركاً تقيّاً ، فأجاب الله دعوته وبعث إليه الملائكة مبشرين ، وهو قوله : { فنادته الملائكة وهو قائمٌ يصلي في المحراب أنَّ الله يبشرك بيحيى مصدقاً بكلمة من الله } أَيْ : مُصدِّقاً بعيسى أنَّه روح الله وكلمته ، وسُمِّي عيسى كلمة الله ؛ لأنَّه حدث عند قوله : { كُنْ } فوقع عليه اسم الكلمة ؛ لأنَّه بها كان { وسيداً } وكريماً على ربِّه { وحصوراً } وهو الذي لا يأتي النِّساء ولا أرب له فيهنَّ . { قال } زكريا لمَّا بُشِّر بالولد : { ربِّ أنى يكون لي غلامٌ } أَيْ : على أيِّ حالٍ يكون ذلك ؟ أَتردُّني إلى حال الشَّباب وامرأتي أَمْ مع حال الكبر ؟ { وقد بلغني الكبر } أَيْ : بَلغْتُه ؛ لأنَّه كان ذلك اليوم ابن عشرين ومائة سنةٍ { وامرأتي عاقر } لا تلد ، وكانت بنتَ ثمانٍ وتسعين سنةً . قيل له : { كذلك } أَيْ : مثل ذلك من الأمر ، وهو هبة الولد على الكبر يفعل الله ما يشاء ، فسبحان مَنْ لا يعجزه شيء ، فلمَّا بُشِّر بالولد سأل الله علامةً يعرف بها وقت حمل امرأته ، وذلك قوله : { قال رب اجعل لي آية } فقال الله تعالى : { آيتك ألاَّ تكلم الناس ثلاثة أيام } جعل الله تعالى علامة حمل امرأته أَنْ يُمسك لسانه فلا يقدر أنْ يُكلِّم النَّاس ثلاثة أيَّامٍ { إلاَّ رمزاً } أَيْ : إيماءً بالشَّفتين والحاجبين والعينين ، وكان مع ذلك يقدر على التَّسبيح وذكر الله ، وهو قوله : { واذكر ربك كثيراً وسبِّح } أَيْ : وصَلِّ { بالعشي } وهو آخر النَّهار { والإِبكار } ما بين طلوع الفجر إلى الضُّحى . { وإذ قالت الملائكة } أَيْ : جبريل عليه السَّلام وحده : { يا مريم إنّ الله اصطفاك } أَيْ : بما لطف لك حتى انقطعت إلى طاعته { وطهرك } من ملامسة الرِّجال والحيض { واصطفاك على نساء العالمين } على عالمي زمانك . { يا مريم اقنتي لربك } قومي للصَّلاة بين يدي ربكِّ ، فقامت حتى سالت قدماها قيحاً { واسجدي واركعي } أَي : ائتي بالرُّكوع والسُّجود ، والواو لا تقتضي الترتيب { مع الراكعين } أَي : افعلي كفعلهم ، وقال : { مع الراكعين } ولم يقل : مع الرَّاكعات ؛ لأنَّه أعمُّ . { ذلك } أَيْ : ما قصصنا عليك من حديث زكريا ومريم { من أنباء الغيب } أَيْ : من أخباره { نوحيه إليك } أَيْ : نلقيه { وما كنت لديهم } فتعرف ذلك { إذ يلقون أقلامهم } وذلك أنَّ حنَّة لمَّا ولدت مريم أتت بها سدنة بيت المقدس ، وقالت لهم : دونكم هذه النَّذيرة ، فتنافس فيها الأحبار حتى اقترعوا عليها ، فخرجت القرعة لزكريا ، فذلك قوله : { إذ يلقون أقلامهم } أَيْ : قداحهم التي كانوا يقترعون بها لينظروا أيُّهم تجب له كفالة مريم .