Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 62-69)

Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وترى كثيراً منهم يسارعون في الإثم والعدوان } يجترئون على الخطأ والظُّلم ، ويبادرون إليه { وأكلهم السُّحت } ما كانوا يأخذونه من الرَّشا على كتمان الحقِّ ، ثمَّ ذمَّ فعلهم بقوله : { لبئس ما كانوا يعملون } . { لولا } [ هلاَّ ] { ينهاهم } عن قبح فعلهم { الربانيون والأحبار } علماؤهم وفقهاؤهم { لبئس ما كانوا يصنعون } حين تركوا النَّكير عليهم . { وقالت اليهود يد الله مغلولة } مقبوضةٌ عن العطاء وإسباغ النِّعم علينا . قالوا هذا حين كفَّ الله تعالى عنهم بكفرهم بمحمَّد عليه السَّلام ما كان يسلِّط عليهم من الخِصب والنِّعمة ، فقالوا - لعنهم الله على جهة الوصف بالبخل - : { يد الله مغلولة } وقوله : { غلت أيديهم } أَيْ : جعلوا بخلاء وأُلزموا البخل ، فهم أبخل قوم { ولعنوا بما قالوا } عُذِّبوا في الدُّنيا بالجِزية [ والذلَّة والصَّغار ، والقحط والجلاء ] ، وفي الآخرة بالنَّار { بل يداه مبسوطتان } قيل : معناه : الوصف بالمبالغة في الجود والإِنعام . وقيل : معناه : نِعمُه مبسوطةٌ ، ودلَّت التَّثنية على الكثرة ، كقولهم : [ لبيك وسعديك ] . وقيل : نعمتاه ، أَيْ : نعمة الدُّنيا ، ونعمة الآخرة { مبسوطتان ينفق كيف يشاء } يرزق كما يريد ؛ إن شاء قتَّر ، وإنْ شاء وسَّع { وليزيدَّن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً } كلَّما أنزل عليك شيءٌ من القرآن كفروا به ، فيزيد كفرهم { وألقينا بينهم العداوة والبغضاء } بين طوائف اليهود ، وجعلهم الله مختلفين متباغضين ، كما قال : { تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتَّى } { كلما أَوْقَدُوا ناراً للحرب أطفأها الله } كلَّما أرادوا محاربتك ردَّهم الله ، وألزمهم الخوف { ويسعون في الأرض فساداً } يعني : يجتهدون في دفع الإِسلام ، ومحو ذكر النبيِّ صلى الله عليه وسلم من كتبهم . { ولو أنَّ أهل الكتاب آمنوا } بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم { واتقوا } اليهوديَّة والنصرانيَّة { لكفَّرنا عنهم سيئاتهم } كلَّ ما صنعوا قبل أن تأتيهم . { ولو أنهم أقاموا التوراة والإِنجيل } عملوا بما فيهما من التَّصديق بك { وما أنزل إليهم } من كتب أنبيائهم { لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم } لأنزلتُ عليهم القطر ، وأخرجتُ لهم من نبات الأرض كلَّما أرادوا { منهم أمة مقتصدة } مؤمنةٌ . { يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك } أَيْ : لا تراقبنَّ أحداً ، ولا تتركنَّ شيئاً ممَّا أُنزل إليك تخوُّفاً مِنْ أَنْ ينالك مكروهٌ . بلِّغ الجميع مجاهراً به { وإن لم تفعل فما بلغت رسالته } إنْ كتمت آية ممَّا أنزلتُ إليك لم تبلِّغ رسالتي . يعني : إنَّه إنْ ترك بلاغ البعض كان كمَنْ لم يُبلِّغ { والله يعصمك من الناس } أن ينالوك بسوء . قال المفسرون : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يشفق على نفسه غائلة اليهود والكفَّار ، وكان لا يُجاهرهم بعيب دينهم وسبِّ آلهتهم ، فأنزل الله تعالى : { يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك } فقال : يا ربِّ ، كيف أصنع وأنا واحدٌ أخاف أن يجتمعوا عليَّ ؟ فأنزل الله تعالى : { وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إنَّ الله لا يهدي القوم الكافرين } لا يرشد مَنْ كذَّبك . { قل يا أهل الكتاب لستم على شيء } من الدِّين { حتى تُقيموا } حتى تعملوا بما في الكتابين من الإِيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبيان نعته ، وباقي الآية مضى تفسيره إلى قوله : { فلا تأس على القوم الكافرين } يقول : لا تحزن على أهل الكتاب إنْ كذَّبوك . { إنَّ الذين آمنوا والذين هادوا } سبق تفسيره في سورة البقرة .