Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 8-14)
Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى } نزلت في المنافقين واليهود ، كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين ، وينظرون إلى المؤمنين ليُواقعوا في قلوبهم ريبةً وتهمةً ، ويظنُّون أنَّ ذلك لشيءٍ بلغهم ممَّا يهمُّهم ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاهم عن ذلك ، فعادوا لما نُهوا عنه ، فأنزل الله : { ألم تر إلى الذين نُهوا عن النجوى ثم يعودون لما } أَي : إلى { ما نُهوا عنه ويتناجون بالإِثم والعدوان ومعصية الرسول } أي : يُوصي بعضهم بعضاً سرَّاً بالظُّلم والإِثم ، وترك طاعة الرَّسول عليه السَّلام . { وإذا جاؤوك حيوك بما لم يُحَيِّكَ به الله } يعني : قولهم : السَّام عليك { ويقولون في أنفسهم لولا يعذِّبنا الله بما نقول } وذلك أنَّهم قالوا : لو كان نبيَّاً لعذَّبنا بهذا ، قال الله : { حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير } . ثمَّ نهى المؤمنين عن مثل ذلك ، فقال : { يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإِثم والعدوان ومعصيت الرسول } { إنما النجوى من الشيطان } أَيْ : النَّجوى بالإِثم والعدوان ممَّا يزيِّن الشَّيطان لهم { ليحزن الذين آمنوا وليس بضارِّهم } وليس الشَّيطان بضارِّهم { شيئاً إلاَّ بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون } أَيْ : وإِليه فَلْيَكِلُوا أمورهم . { يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس } توسَّعوا في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم { فافسحوا } أوسعوا المجلس { يفسح الله لكم } يُوسِّعه عليكم . نزلت في قومٍ كانوا يُبكِّرون إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويأخذون مجالسهم بالقرب منه ، فإذا دخل غيره ضنُّوا بمجالسهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ أن يُكرم أهل بدرٍ ، فدخلوا يوماً فقاموا بين يديه ولم يجدوا عنده مجلساً ، ولم يقم لهم أحدٌ من هؤلاء الذين أخذوا مجالسهم ، فكره النبيُّ عليه السَّلام ذلك ، فنزلت هذه الآية ، وأمرهم أن يُوسِّعوا في المجلس لمن أراد النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم . { وإذا قيل انشزوا فانشزوا } وإذا قيل لكم : قوموا إلى صلاةٍ أو جهادٍ ، أو عمل خيرٍ فانهضوا { يرفع الله الذين آمنوا منكم } بطاعة الرَّسول { والذين أوتوا العلم درجات } في الجنَّة . { يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم } أمام مناجاتكم { صدقة } . نزلت حين غلب أهلُ الجدة الفقراءَ على مجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناجاته ، فكره الرَّسول ذلك فأمرهم الله بالصَّدقة عند المناجاة ، ووضع ذلك عن الفقراء فقال : { فإن لم تجدوا فإنَّ الله غفور رحيم } ثمَّ نسخ الله ذلك ، فقال : { أأشفقتم } بخلتم وخفتم بالصَّدقة الفقر { فإذْ لم تفعلوا وتاب الله عليكم } عاد عليكم بالتَّخفيف { فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } المفروضة . { ألم تر إلى الذين تَوَلَّواْ قوماً غضب الله عليهم } أَي : المنافقين تولَّوا اليهود وناصحوهم ، ونقلوا إليهم أسرار المؤمنين { ما هم منكم } أيُّها المؤمنون { ولا منهم } من اليهود { ويحلفون على الكذب } يحلفون أنَّهم لا يخونون المؤمنين { وهم يعلمون } أنَّهم كاذبون في حلفهم .