Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 30-32)
Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإذ يمكر بك الذين كفروا } وذلك أنَّ مشركي قريش تآمروا في دارة النَّدوة في شأن محمَّد عليه السًّلام ، فقال بعضهم : قيِّدوه نتربص به ريب المنون ، وقال بعضهم : أخرجوه عنكم تستريحوا من أذاه ، وقال أبو جهل - لعنه الله - : ما هذا برأي ، ولكن اقتلوه ، بأن يجتمع عليه من كلِّ بطنٍ رجلٌ ، فيضربوه ضربة رجلٍ واحدٍ ، فإذا قتلوه تفرَّق دمه في القبائل ، فلا يقوى بنو هاشم على حرب قريش كلِّها ، فأوحى الله تعالى إلى نبيِّه بذلك ، وأمره بالهجرة ، فذلك قوله : { ليثبتوك } أَيْ : ليوثقوك ويشدُّوك { أو يقتلوك } بأجمعهم قتلةَ رجلٍ واحدٍ ، كما قال اللَّعين أبو جهل ، { أو يخرجوك } من مكَّة إلى طرفٍ من أطراف الأرض { ويمكرون ويمكر الله } أَيْ : يجازيهم جزاء مكرهم بنصر المؤمنين عليهم { والله خير الماكرين } أفضل المجازين بالسَّيئِة العقوبة ، وذلك أنَّه أهلك هؤلاء الذين دبَّروا لنبيِّه الكيد ، وخلَّصه منهم . { وإذا تتلى عليهم آياتنا … } الآية . كان النَّضر بن الحارث خرج إلى الحيرة تاجراً ، واشترى أحاديث كليلة ودمنة ، فكان يقعد به مع المستهزئين ، فيقرأ عليهم ، فلمَّا قصَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شأن القرون الماضية قال النَّضرُ بن الحارث : لو شئتُ لقلتُ مثل هذا ، إنْ هذا إلاَّ ما سطَّر الأوَّلون في كتبهم ، وقال النَّضر أيضاً : { اللهم إن كان هذا } الذي يقوله محمَّدٌ حقَّاً { من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } كما أمطرتها على قوم لوط { أو ائتنا بعذابٍ أليم } أَيْ : ببعض ما عذَّبت به الأمم . حمله شدَّة عداوة النبيِّ صلى الله عليه وسلم على إظهار مثل هذا القول ، ليوهم أنَّه على بصيرةٍ من أمره ، وغاية الثِّقة في أمر محمَّد ، أنَّه ليس على حقٍّ .