Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 80-88)

Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

شرح الكلمات : أصحاب الحجر : هم قوم صالح ومنازلهم بين المدينة النبوية والشام . وآتيناهم آياتنا : أي في الناقة وهي أعظم آية . ما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون : من بناء الحصون وجمع الأموال . الصفح الجميل : أي أعرض عنهم إعراضاً لا جزع فيه وهذا قبل الأمر بقتالهم . سبعاً من المثاني : هي آيات سورة الفاتحة السبع . أزواجاً منهم : أي أصنافاً من الكفار . واخفض جناحك : أي ألن جانبك للمؤمنين . معنى الآيات : هذا شروع في موجز قصة أخرى هي قصة أصحاب الحجر وهم ثمود قوم صالح ، قال تعالى : { وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ ٱلحِجْرِ ٱلْمُرْسَلِينَ } وفي هذا موعظة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كذبه قومه من أهل مكة فليصبر على تكذيبهم فقد كذبت قبلهم أقوام . وقال تعالى { ٱلْمُرْسَلِينَ } ولم يكذبوا إلا صالحاً باعتبار أن من كذب رسولاً فقد كذب عامة الرسل ، لأن دعوة الرسل واحدة وهي أن يعبد الله وحده بما شرع لإِكمال الإِنسان وإسعاده في الحالتين . وقوله { وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } إن المراد من الآيات القائمة بالناقة منها أنها خرجت من صخرة ، وأنها تشرب ماء البلد يوماً ، وأنها تقف أمام كل بيت ليحلب أهله منها ما شاءوا ، وإعراضهم عنها ، عدم إيمانهم وتوبتهم إلى الله تعالى بعد أن آتاهم ما طلبوا من الآيات . وقوله { وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً } أي كانوا يتخذون بالنحت بيوتاً داخل الجبال يسكنوها شتاء آمنين من أن تسقط عليهم لقوتها ومن أن ينالهم برد أو حرٌ لوقايتها لهم ، وقوله تعالى { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ } وذلك صيحة اليوم الرابع وهو يوم السبت فهلكوا أجمعين ، { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } من المال والعتاد وبناء الحصون بل هلكوا ولم ينج منهم أحد إلا من آمن وعمل صالحاً فقد نجاه الله تعالى مع نبيه صالح عليه السلام . وقوله تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } أي إلا من أجل أن أُذكر وأُشكر ، فلذا من كفر بي فلم يذكرني وعصاني فلم يشكرني أهلكته . لأني لم أخلق هذا الخلق العظيم لهواً وباطلاً وعبثاً . وقوله : { وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَةٌ } أي حتماً لا محالة وثَمَّ يُجزي كلٌ بما كسب فلا تحزن على قومك ولا تجزع منهم فإن جزاءهم لازم وآت لا بد ، فاصبر واصفح عنهم وهو معنى قوله تعالى { فَٱصْفَحِ ٱلصَّفْحَ ٱلْجَمِيلَ } أي الذي لا جزع معه . وقوله { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ } خلق كل شيء وعلم بما خلق فعلى كثرة المخلوقات يعلم نياتها ، وأعمالها ، وأحوالها ، ولا يخفى عليه شيء من أمرها وسيعيدها كما بدأها ويحاسبها ويجزيها بما كسبت . وهذا من شأنه أن يساعد الرسول صلى الله عليه وسلم على الصبر والثبات على دعوته حتى ينصرها الله تعالى في الوقت الذي حدده لها . وقوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ } أي أعطيناك سورة الفاتحة أم القرآن وأعطيناك القرآن العظيم وهو خير عظيم لا يقادر قدره . إذاً { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } متطلعاً { إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } أي أصنافاً من رجالات قريش . فما آتيناك خير مما هم عليه من المال والحال التي يتمتعون فيها بلذيذ الطعام والشراب . وقوله : { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } إن هم لم يؤمنوا بك ولم يتابعوك على ما جئت به ، فإن أمرهم إلى الله تعالى ، وأمره تعالى أن يلين جانبه لأصحابه المؤمنين فقال : { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } فحسبك ولاية الله لك فذر المكذبين أولي النعمة ، وتعايش مع المؤمنين ، ولين جانبك لهم ، واعطف عليهم فإن الخير فيهم وليس في أولئك الأغنياء الأثرياء الكفرة الفجرة . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - إذا أراد الله هلاك أمة فإن قوتها المادية لا تغني عنها شيئاً . 2 - لم يخلق الله الخلق عبثاً بل خلقه ليعبد بالذكر والشكر ، فمن عبده نجا ، ومن أعرض عن ذكره وترك عبادته أذاقه عذاب الخزي في الدنيا والآخرة أو في الآخرة وهو أشد وأخزى . 3 - بيان أن الصفح الجميل هو الذي لا جزع معه . 4 - بيان أن من أوتي القرآن لم يؤت أحد مثله من الخير قط . 5 - فضل الفاتحة إذ هي السبع المثاني . 6 - على الدعاة إلى الله أن لا يلتفتوا إلى ما في أيدي الناس من مالٍ ومتاع ، فإن ما آتاهم الله من الإِيمان والعلم والتقوى خير مما آتى أولئك من المال والمتاع . 7 - استحباب لين الجانب للمؤمنين والعطف عليهم والرحمة لهم .