Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 80-83)

Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

شرح الكلمات : حفيظا : تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها . طاعة : أي أمرنا طاعة لك . برزوا : خرجوا . أفلا يتدبرون : تدبر القرآن قراءة الآية أو الآيات وإعادتها المرة بعد المرة ليفقه مراد الله تعالى منها . أذاعوا به : أفشوه معلنينه للناس . يستنبطونه : يستخرجون معناه الصحيح . معنى الآيات : في قوله تعالى : { مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ } إنذار إلى الناس كافة في أن من لم يطع الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم ما أطاع الله تعالى ، إن أمر الرسول من أمر الله ونهيه من نهي الله تعالى فلا عذر لأحد في عدم طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقوله تعالى : { وَمَن تَوَلَّىٰ } أي عن طاعتك فيما تأمر به وتنهى عنه فدعه ولا تلتفت إليه إذ لم ترسلك لتحصي عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها وتجزيهم بها إن عليك إلا البلاغ وقد بلغت فأعذرت . وقوله تعالى { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ } أي ويقول أولئك المنافقون المتطيرون بك السَّيئُو الفهم لما تقول : طاعة أي أمرنا طاعة لك أي ليس لنا ما نقول إذا قلت ولا ما نأمر به إذا أمرت فنحن مطيعون لك { فَإِذَا بَرَزُواْ } أي خرجوا من مجلسك بدل طائفة منهم غير الذي تقول واعتزموه دون الذي وافقوا عليه أمامك وفي مجلسك والله تعالى يكتب بواسطة ملائكته الكرام الكاتبين ما يبيتونه من الشر والباطل وعليه { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } ولا تبال بهم { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } فهو حسبك وكافيك ما يبيتونه من الشر لك . وقوله تعالى في الآية الثالثة [ 82 ] { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ } يؤنبهم بإعراضهم وجهلهم وسوء فهمهم إذ لو تدبروا القرآن وهو يُتلى عليهم وسمعوه صباح مساء لعرفوا أن الرسول حق وأن ما جاء به حق فآمنوا وأسلموا وحسن إسلامهم ، وانتهى نفاقهم الذي أفسد قلوبهم وعفن آراءهم ، إن تدبر القرآن بالتأمل فيه وتكرار آياته مرة بعد أخرى يهدي إلى معرفة الحق من الباطل وأقرب ما يفهمونه لو تدبروا أن القرآن كلام الله تعالى وليس كلام بشر ، إذ لو كان كلام بشر لوجد فيه التناقض والإِختلاف والتضاد ، ولكنه كلام خالق البشر ، فلذا هو متسق الكلم متآلِف الألفاظ والمعاني محكم الآي هادٍ إلى الإِسعاد والكمال ، فهو بذلك كلام الله حقاً ومن شرف بإنزاله عليه رسول حق ولا معنى أبداً للكفر بعد هذا والإِصرار عليه ، ومنافقة المسلمين فيه . هذا معنى قوله تعالى : { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً } . وقوله : { وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ } وهي الآية الرابعة [ 83 ] فإن الله تعالى يخبر عن أولئك المرضى بمرض النفاق ناعياً عليهم ارجافهم وهزائمهم المعنوية فيقول { وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ } أي إذا وصل من سرايا الجهاد خبر بنصر أو هزيمة سارعوا فإفشائه وإذاعته ، وذلك عائد إلى مرض قلوبهم لأن الخبر وأطلق عليه لفظ الأمر لأن حالة الحرب غير حالة السلم إذا كان بالنصر المعبر عنه بالأمن فهم يعلنونه حسداً أو طمعاً ، وإذا كان بالهزيمة المعبر عنها بالخوف يعلنونه فزعاً وخوفا لأنهم جبناء كما تقدم وصفهم ، قال تعالى في تعليمهم وتعليم غيرهم ما ينبغي أن يكون عليه المجاهدون في حال الحرب ، { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ } القائد الأعلى ، { وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ } وهم أمراء السرايا المجاهدة { لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } أي لاستخرجوا سر الخْبَرِ وعرفوا ما يترتب عليه فإن كان نافعاً أذاعوه ، وإن كان ضارا أخوفه . ثم قال تعالى : { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } أيها المؤمنون { لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ } في قبول تلك الإِشاعات المغرضة والإِذاعات المثبطة { إِلاَّ قَلِيلاً } منكم من ذوي الآراء الصائبة والحصافة العقلية إذ مثلهم لا تثيرهم الدعاوي ، ولا تغيرهم الأراجيف ، ككبار الصحابة من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم أجمعين . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لا يطاع لذاته وإنما يطاع لذات الله عز وجل . 2 - وجوب تدبر القرآن لتقوية الإِيمان . 3 - آية أن القرآن وحي الله وَكلامه سلامته من التناقض والتضاد في الألفاظ والمعاني . 4 - تقرير مبدأ أن أخبار الحرب لا تذاع إلا من قبل القيادة العليا حتى لا يقع الاضطراب في صفوف المجاهدين والأمة كذلك . 5 - أكثر الناس يتأثرون بما يسمعون إلا القليل من ذوي الحصافة العقلية والوعي الساسي .