Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 52-54)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
شرح الكلمات : ولقد جئناهم : أي أهل مكة أولاً ثم سائر الناس . بكتاب : القرآن العظيم . فصلناه على علم : بيناه على علم منَّا فبيّنا حلاله وحرامه ووعده ووعيده وقصصه ومواعظه وأمثاله . تأويله : تأويل ما جاء في الكتاب من وعد ووعيد أي عاقبة ما أنذروا به . وضل عنهم : أي ذهب ولم يعثروا عليه . في ستة أيام : هي الأحد إلى الجمعة . يغشي الليل النهار : يغطي كل واحد منهما الآخر عند مجيئه . حثيثاً : سريعاً بلا انقطاع . مسخرات : مذللات . ألا : أداة استفتاح وتنبيه ( بمنزلة ألو للهاتف ) . له الخلق والأمر : أي له المخلوقات والتصرف فيها وحده لا شريك له . تبارك : أي عظمت قدرته ، وجلت عن الحصر خيراته وبركاته . العالمين : كل ما سوى الله تعالى فهو عالم أي علامة على خالقه وإلهه الحق . معنى الآيات : بعد ذلك العرض لأحوال الناس يوم القيامة ومشاهد النعيم والجحيم أخبر تعالى أنه جاء قريشاً لأجل هدايتهم بكتاب عظيم هو القرآن الكريم وفصّله تفصيلاً فبينّ التوحيد ودلائله ، والشرك وعوامله ، والطاعة وآثارها الحسنة والمعصية وآثارها السيئة في الحال والمآل وجعل الكتاب هدى أي هادياً ورحمة يهتدي به المؤمنون وبه يرحمون . هذا ما تضمنته الآية الأولى [ 52 ] وهي قوله تعالى : { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } وأما الآية الثانية [ 53 ] فقد استبطأ الحق تعالى فيها إيمان أهل مكة الذين جاءهم بالكتاب المفصّل المبيَّن فقال : { هَلْ يَنظُرُونَ } أي ما ينظرون { إِلاَّ تَأْوِيلَهُ } أي عاقبة ما أخبر به القرآن من القيامة وأهوالها ، والنّار وعذابها ، وعندئذ يؤمنون ، وهل ينفع يومئذ الإِيمان ؟ وهاهم أولاء يقولون { يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ } وينكشف الغطاء عما وعد به ، { يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ } أي قبل وقوعه ، وذلك في الحياة الدنيا ، نسوه فلم يعملوا بما ينجيهم فيه من العذاب يقولون : { قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ } اعترفوا بما كانوا به يجحدون ويكذبون ثم يتمنون ما لا يتحقَّق لهم أبداً فيقولون : { فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ } إلى الدنيا { فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } من الشرك والشر والفساد . وتذهب تمنياتهم أدراج الرياح ، ولم يُرعْهُمْ إلا الإِعلان التالي : { قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } خسروا أنفسهم في جهنم ، وضاع منهم كلَّ أمل وغاب عنهم ما كانوا يفترون من أنَّ آلهتهم وأولياءهم يشفعون لهم فينجونهم من النار ويدخلونهم الجنة . وفي الآية الأخيرة يقول تعالى لأولئك المتباطئين في إيمانهم { إِنَّ رَبَّكُمُ } الذي يُحبُّ ان تعبدوه وتدعوه وتتقربوا إليه وتطيعوه { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ } هذا هو ربكم الحق وإلهكم الذي لا إله لكم غيره ، ولا ربَّ لكم سواه ، أمّا الأصنام والأوثان فلن تكون ربّاً ولا إلهاً لأحد أبداً لأنّها مخلوقة غير خالقة وعاجزة عن نفع نفسها ، ودفع الضّر عنها فكيف بغيرها ؟ إنّ ربَّكم ومعبودكم الحقّ الذي له الخلق كلّه ملكاً وتصرفاً وله الأمر وحده يتصرف كيف يشاء في الملكوت كله . علويّه وسفليّه فتبارك الله رب العالمين . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - لا ينفع الإِيمان عند معاينة الموت والعذاب كما لا ينفع يوم القيامة . 2 - يحسن التثبت في الأمر والتأني عند العمل وترك العجلة ، فالله قادرٌ على خلق السمَّاوات والأرض في ساعة ولكن خلقها في ستة أيام بمقدار أيام الدّنيا تعليماً وإرشاداً إلى التثبت في الأمور والتأني فيها . 3 - صفة من صفات الرب تعالى التي يجب الإِيمان بها ويحرم تأويلها أو تكييفها وهي استواؤه تعالى على عرشه . 4 - انحصار الخلق كلّ الخلق فيه تعالى فلا خالق إلا هو ، والأمر كذلك فلا آمر ولا ناهي غيره . هنا قال عمر : من بقي له شيء فليطلبه إذ لم يبق شيء ما دام الخلق والأمر كلاهما لله .