Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 82-98)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱسْأَلِ ٱلْقَرْيَةَ } ، يعني مصر ، { ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا } أنه سرق ، { وَٱلّعِيْرَ ٱلَّتِيۤ أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } [ آية : 82 ] فيما نقول ، قال لهم يعقوب : كلما ذهبتم نقص منكم واحد ، وكان يوسف ، عليه السلام ، حبس بنيامين ، وأقام شمعون ويهوذا ، فاتهمهم يعقوب ، عليه السلام . فـ { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ } ، يعني ولكن زينت لكم { أَنفُسُكُمْ أَمْراً } ، كان هو منكم هذا ، { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } ، يعني صبراً حسناً لا جزع فيه ، { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً } ، يعني بنيه الأربعة ، { إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ } بخلقه ، { ٱلْحَكِيمُ } [ آية : 83 ] ، يعني الحاكم فيهم ، ولم يخبر الله يعقوب بأمر يوسف ليختبر صبره . { وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ } ، يعني وأعرض يعقوب عن بنيه ، ثم أقبل على نفسه ، { وَقَالَ يٰأَسَفَا } ، يعني يا حزناه { عَلَى يُوسُفَ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ } ست سنين لم يبصر بهما ، { مِنَ ٱلْحُزْنِ } على يوسف ، { فَهُوَ كَظِيمٌ } [ آية : 84 ] ، يعني مكروب يتردد الحزن في قلبه . { قَالُواْ } ، أي قال بنوه يعيرونه : { تَالله تَفْتَأُ } ، يعني والله ما تزال { تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضاً } ، يعني الدنف ، { أَوْ تَكُونَ مِنَ ٱلْهَالِكِينَ } [ آية : 85 ] ، يعني الميتين . { قَالَ } لهم أبوهم : { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي } ، يعني ما بثه في الناس ، { وَحُزْنِي } ، يعني ما بطن ، { إِلَى ٱللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ } ، يعني من تحقيق رؤيا يوسف أنه كائن { مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ آية : 86 ] . { يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن } ، يعني فابحثوا عن { يُوسُفَ وَأَخِيهِ } بنيامين ، { وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ } ، يعني من رحمة الله ، { إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ } ، يعني من رحمة الله ، { إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ } [ آية : 87 ] ، وذلك أن يعقوب ، عليه السلام ، رأى ملك الموت في المنام ، فقال له : هل قبضت روح يوسف ؟ قال : لا ، وبشره ، فلما أصبح ، قال : { يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن } . { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ } يوسف ، { قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا ٱلضُّرُّ } ، يعني الشدة والبلاء من الجوع ، { وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ } ، يعني دراهم نفاية فجوزها عنا ، { فَأَوْفِ } ، يعني فوفِ { لَنَا ٱلْكَيْلَ } بسعر الجياد ، { وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ } ، يقول : تكون هذه صدقة منك ، يعنون معروفاً أن تأخذ النفاية وتكيل لنا الطعام بسعر الجياد { إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ } [ آية : 88 ] لمن كان على ديننا إضمار ، ولو علموا أنه مسلم لقالوا : إن الله يجزيك بصدقتك . فلما سمع ما ذكروا من الضر ، { قَالَ } لهم : { هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ } ، يعني بي وبأخي بنيامين ، { إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } [ آية : 89 ] ، يعني مذنبين . { قَالُوۤاْ أَإِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَآ } ، يقول : قد أنعم الله علينا : { إِنَّهُ مَن يَتَّقِ } الزنا ، { وَيِصْبِرْ } على الأذى ، { فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } [ آية : 90 ] ، يعني جزاء من أحسن حتى يوفيه جزاءه . { قَالُواْ تَٱللَّهِ } ، يعني والله ، { لَقَدْ آثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } ، يعني اختارك ، كقوله في طه : { لَن نُّؤْثِرَكَ } [ طه : 72 ] ، يعني لن نختارك علينا عند يعقوب ، وأعطاك وملكك الملك ، { وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } [ آية : 91 ] في أمرك ، فأقروا بخطيئتهم ، . { قَالَ } يوسف : { لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ } ، يقول : لا تعيير عليكم ، لم يثرب عليهم بفعلهم القبيح ، { يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ } ما فعلتم ، { وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [ آية : 92 ] من غيره . { ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً } بعد البياض ، { وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } [ آية : 93 ] ، فلا يبقى منكم أحد . { وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ } من مصر إلى كنعان ثمانين فرسخاً ، { قَالَ أَبُوهُمْ } يعقوب لبني بنيه : { إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ } [ آية : 94 ] ، يعني لولا أن تجهلون . { قَالُواْ } بنو بنيه : { تَٱللَّهِ } والله ، { إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ ٱلْقَدِيمِ } [ آية : 95 ] ، مثل قوله : { إِنِّيۤ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ القمر : 24 ] ، يقول : في شقاء وعناء ، يعني في شقاء من حب يوسف وذكره ، فما تنساه وقد أتى عليه أربعون سنة . { فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ } ، فلما أتاه البشير ، وهو الذي ذهب بالقميص الأول الذى كان عليه الدم ، وألقى القميص على وجه يعقوب ، { فَٱرْتَدَّ } يعني فرجع { بَصِيراً } بعد البياض ، { قَالَ } يعقوب : يا بني ، { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ آية : 96 ] ، وذلك أن يعقوب قال لهم : { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ يوسف : 86 ] ، من تحقيق رؤيا يوسف . { قَالُواْ يٰأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ } [ آية : 97 ] في أمر يوسف . { قَالَ } أبوهم : إني { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ } سحراً من الليل ، { إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ } للذنوب ، { ٱلرَّحِيمُ } [ آية : 98 ] بالمؤمنين .