Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 27-30)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم ذكر المؤمنين بالتوحيد في حياتهم وبعد موتهم ، فقال سبحانه : { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ } ، وهو التوحيد ، { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } ، ثم قال : { وَ } يثبتهم { وَفِي ٱلآخِرَةِ } ، يعني في قبره في أمر منكر ونكير بالتوحيد ، وذلك أن المؤمن يدخل عليه ملكان أحدهما منكر والآخر نكير ، فيجلسانه في القبر ، فيسألانه ، : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن رسولك ؟ فيقول : ربي الله عز وجل ، وديني الإسلام ، ومحمد صلى الله عليه وسلم رسولي ، فيقولان له : وقيت وهديت ، ثم يقولان : اللهم إن عبدك أرضاك فأرضه ، فذلك قوله سبحانه : { وَفِي ٱلآخِرَةِ } ، أي يثبت الله قول الذين آمنوا . ثم ذكر الكافر في قبره حين يدخل عليه منكر ونكير ، يطآن في أشعارهما ، ويحفران الأرض بأنيابهما ، وينالان الأرض بأيديهما ، أعينهما كالبرق الخاطف ، وأصواتهما كالرعد القاصف ، ومعهما مرزبة من حديد ، لو اجتمع عليها أهل منى أن يقلوها ما أقلوها ، فيقولان له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : لا أدري ، فيقولان له : لا دريت ولا تليت ، ثم يقولان : اللهم إن عبدك قد أسخطك فاسخط عليه . فيضربانه بتلك المرزبة ضربة ينهشم كل عضو في جسده ، ويتلهب قبره ناراً ، ويصيح صيحة يسمعها كل شىء غير الثقلين ، فيلعنونه ، فذلك قوله عز وجل : { وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ } [ البقرة : 159 ] ، حتى إن شاة القصاب والشفرة على حلقها لا يهمها ما بها ، فتقول : لعن الله هذا ، كان يحبس عنا الرزق بسببه ، هذا لمن يضله الله عز وجل عن التوحيد ، فذلك قوله : { وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ } ، يعني المشركين ، حيث لا يوفق لهم ذلك حين يسأل في قبره : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ { وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } [ آية : 27 ] ، فيهما ، فمشيئته أن يثيب المؤمنين ويضل الكافرين . { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ كُفْراً } ، هذه مدنية إلى آخر الآيتين ، وبقية السورة مكية : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ كُفْراً } ، وهم بنو أمية ، وبنو المغيرة المخزومى ، وكانت النعمة أن الله أطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوف ، يعني القتل والسبى ، ثم بعث فيهم رسولاً يدعوهم إلىمعرفة رب هذه النعمة عز وجل ، فكفروا بهذه النعمة وبدلوها ، ثم قال الله عز وجل : { وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } [ آية : 28 ] ، يعني دار الهلاك بلغة عما ، فأهلكوا قومهم ببدر . ثم يصيرون بعد القتل إلى جهنم يوم القيامة ، فذلك قوله عز وجل : { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } [ آية : 29 ] ، يعني وبئس المستقر . ثم ذكر كفار قريش ، فقال تعالى : { وَجَعَلُواْ } ، يعني ووصفوا { للَّهِ أَندَاداً } ، يعني شركاء ، { لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ } ، يعني ليستنزلوا عن دينه ، الإسلام ، { قُلْ تَمَتَّعُواْ } في داركم قليلاً ، { فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } [ آية : 30 ] .