Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 94-97)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أسر النبوة وكتمها سنتين ، فقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } ، يقول : امض لما تؤمر من تبليغ الرسالة ، فلما بلغ عن ربه عز وجل استقبله كفار مكة بالأذى والتكذيب في وجهه ، فقال تعالى : { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ آية : 94 ] ، يعني عن أذى المشركين إياك ، فأمره الله عز وجل بالإعراض والصبر على الأذى ، ثم نسختها آية السيف . ثم قال سبحانه : { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ } [ آية : 95 ] ، وذلك أن الوليد بن المغيرة المخزومى حين حضر الموسم ، قال : يا معشر قريش ، إن محمداً قد علا أمره في البلاء ، وما أرى الناس براجعين حتى يلقونه ، وهو رجل حلو الكلام ، إذا كلم الرجل ذهب بعقله ، وإني لا آمن أن يصدقه بعضهم ، فابعثوا رهطاً من ذوى الحجى والرأي ، فليجلسوا على طريق مكة مسيرة ليلة أو ليلتين ، فمن سأل عن محمد ، فليقل بعضهم : إنه ساحر يفرق بين الاثنين ، ويقول بعضهم : إنه كاهن يخبر بما يكون في غد لئلا تروه خير من أن تروه ، فبعثوا في كل طريق بأربعة من قريش ، وأقام الوليد بن المغيرة بمكة ، فمن دخل مكة في غير طريق سالك يريد النبي صلى الله عليه وسلم تلقاهم الوليد ، فيقول : هو ساحر كذا ، ومن دخل من طريق لقيه الستة عشر ، فقالوا : هو شاعر ، وكذاب ، ومجنون . ففعلوا ذلك ، وانصدع الناس عن قولهم ، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يرجو أن يلقاه الناس ، فعرض عليهم أمره ، فمنعه هؤلاء المستهزءون من قريش ، ففرحت قريش حين تفرق الناس عن قولهم ، وقالوا : ما عند صاحبكم إلا غروراً ، يعنون النبي صل الله عليه وسلم ، فقالت قريش : هذا دأبنا ودأبك ، فذلك قوله سبحانه : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ النحل : 24 ] . وكان منهم من يقول : بئس وافد القوم أنا إن انصرفت قبل أن ألقى صاحبي ، فيدخل مكة فيلقى المؤمنين ، فيقول : ما هذا الأمر ؟ فيقولون : خيراً أنزل الله عز وجل كتاباً ، وبعث رسولا ، فذلك قوله سبحانه : { مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً } [ النحل : 30 ] ، فنزل جبريل ، عليه السلام ، والنبي صلى الله عليه وسلم عند الكعبة ، فمر به الوليد بن المغيرة بن عبد الله ، فقال جبريل ، عليه السلام ، للنبي صلى الله عليه وسلم : كيف تجد هذا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بئس عبد الله هذا " ، فأهوى جبريل بيده إلى فوق كعبه ، فقال : قد كفيتك . فمر الوليد في حائط فيه نبل لبني المصطلق ، وهى حي من خزاعة يتبختر فيهما ، فتعلق السهم بردائه قبل أن يبلغ منزله ، فنفض السهم وهو يمشي برجله ، فأصاب السهم أكحله فقطعه ، فلما بات تلك الليلة انتفضت به جراحته ، ومر به العاص بن وائل ، فقال جبريل : كيف تجد هذا ؟ قال : " بئس عبد الله هذا " ، فأهوى جبريل بيده إلى باطن قدمه ، فقال : قد كفيتك ، وركب العاص حماراً من مكة يريد الطائف ، فاضجع الحمار به على شبرقة ذات شوك ، فدخلت شوكة في بطن قدمه فانتفخت ، فقتله الله عز وجل تلك الليلة . ومر به الحارث بن قيس بن عمرو بن ربيعة بن سهم ، فقال جبريل عليه السلام : كيف تجد هذا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بئس عبد الله هذا " ، فأهوى جبريل ، عليه السلام ، إلى رأسه ، فانتفخ رأسه ، فمات منها ، ومر به الأسود بن عبد العزى بن وهب بن عبد مناف بن زهرة ، فقال جبريل ، عليه السلام : كيف تجد هذا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بئس عبد الله هذا " ، إلا أنه ابن خالى " ، فأهوى جبريل ، عليه السلام ، بيده إلى بطنه ، فقال : قد كفيتك ، فعطش ، فلم يرو من الشراب حتى مات . ومر الأسود بن عبد المطلب بن المنذر بن عبد العزى بن قصي ، فقال جبريل : كيف تجد هذا ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : " بئس عبد الله هذا " ، قال : قد كفيتك أمره ، ثم ضرب ضربة بحبل من تراب ، رمى في وجهه فعمي ، فمات منها ، وأما بعكك وأحرم ، فهما أخوان ابنا الحجاج بن السياق بن عبد الدار بن قصي ، فأما أحدهما فأخذته الدبيلة ، وأما الآخر ، فذات الجنب ، فماتا كلاهما ، فأنزل الله عز وجل : { إنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ } ، يعني هؤلاء السبعة من قريش . ثم نعتهم ، فقال سبحانه : { ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْمَلُونَ } [ آية : 96 ] ، هذا وعيد لهم بعد القتل . { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ } [ آية : 97 ] ، حين قالوا : إنك ساحر ، ومجنون ، وكاهن ، وحين قالوا : هذا دأبنا ودأبك .