Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 1-1)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سُبْحَانَ } ، يعني عجب ، { ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } ، في رجب ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، { لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى } ، يعني بيت المقدس ، قبل الهجرة بسنة ، وفرضت عليه الصلوات الخمس تلك الليلة ، وعرضت على النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أنهار : نهر من لبن ، ونهر من عسل ، ونهر من خمر ، فلم يشرب النبي صلى الله عليه وسلم الخمر ، فقال جبريل : أما إن الله حرمها على أمتك ، { ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } ، يعني بالبركة الماء ، والشجر ، والخير ، { لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ } ، فكان مما رأى من الآيات البراق ، والرجال ، والملائكة ، وصلى بالنبيين تلك ، { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ } [ آية : 1 ] . وذلك " أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح بمكة ليلة أسري به من مكة ، فقال لأم هانئ ابنة أبي طالب ، وزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي : " لقد رأيت الليلة عجباً " ، قالت : وما ذلك بأبي أنت وأمي ؟ قال : " لقد صليت في مصلاي هذا صلاة العشاء ، وصلاة الفجر ، وصليت فيما بينهما في بيت المقدس " ، فقالت : وكيف فعلت ؟ قال : " أتاني جبريل ، عليه السلام ، وقد أخذت مضجعي من الفراش قبل أن أنام ، وأخذ بيدي وأخرجني من الباب وميكائيل ، عليه السلام ، بالباب ومعه دابة ، فوق الحمار ودون البغل ، ووجهها كوجه الإنسان ، وخدها كخد الفرس ، وعرفها كعرف الفرس ، بلقاء ، سيلاء ، مضطربة الخلق ، لها جناحان ، ذنبها كذنب البقر ، وحافرها كأظلاف البقر ، خطوها عند منتهى بصرها ، كان سليمان بن داود ، عليه السلام ، يغدو عليها مسيرة شهر ، فحملاني عليها ، ثم أخذ يزفان بي حتى أتيت بيت المقدس ، ومثل لي النبيون ، فصليت بهم ، ورأيت ورأيت " . فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم فيخرج ، أخذت أم هانىء بحبرته ، قالت : أين تخرج ؟ قال : " أخرج إلى قريش ، فأخبرهم بالذي رأيت " ، فقالت : لا تفعل ، فوالله ليجترأن عليك المكذب ، وليمترين فيك المصدق ، قال : " وإن كذبوني لأخرجن " ، ونزع يدها من حبرته ، فخرج إلى المسجد ، فإذا فيه شيوخ من شيوخ قريش جلوس في الحجر ، فقام عليهم فقال : " ألا أحدثكم بالعجب ؟ " ، قالوا : أخبرنا ، فإن أمرك كله عجب ، قال : " لقد صليت في هذا الوادي صلاة العشاء ، وصلاة الفجر ، وصليت فيما بينهما ببيت المقدس ، ومثل لى النبيون ، فصليت بهم وكلمت بعضهم " ، فصدقه المؤمنون ، وكذبه المشركون . فقال المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف : ما ثكلتني يدي على هذا الكذاب ألا لن أكون ذلك اليوم جزعاً ، فآخذك بيدي أخذاً ، تخبرنا أنك صليت ببيت المقدس ، ورجعتك من ليلتك ، ونحن لا نبلغه إلاّ في أربعين ليلة بعد شق الأنفس ، أشهد أنك كذاب ساحر ، فبينما هم كذلك ، إذ جاء أبو بكر الصديق ، رضوان الله عليه ، فقالت قريش : يا أبا بكر ، ألا تسمع ما يقول صاحبك ، يزعم أنه صلى العشاء الآخرة والفجر بمكة ، وصلى فيما بينهما ببيت المقدس ، قال أبو بكر الصديق ، رضى الله عنه : إن كان قال ذلك ، فقد صدق . وقال أبو بكر ، رضي الله عنه ، للنبى صلى الله عليه وسلم : بأبي أنت وأمي ، حدثني عن باب بيت المقدس ، وعن البيت ، وعن سواريه ، وعن الصخرة ، وعن هذا كله ، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم ، فالتزمه أبو بكر ، فقال : أشهد أنك صادق ، فسمى يومئذ الصديق ، اسمه : عتيق بن عثمان ابن عمرو بن كعب بن سعد بن مرة ، فقال المسلمون : يا رسول الله ، كيف رأيت الأنبياء ، عليهم السلام ؟ قال : " رأيت عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم رجلاً أبيض ، فوق الربعة ، ودون الطويل ، ظاهر الدم ، عريض الصدر ، جعد الرأس ، يعلوه صهوبة ، أشبه الناس بعروة بن معتب الثقفى " . " ورأيت موسى ، عليه السلام ، رجلاً طويلاً ، آدم شديد الأدمة ، ضرب اللحم ، سبط الشعر أشعر كأنه من رجال أزد شنوءة ، لو لبس قميصين لرؤى شعره منهما ، ورأيت إبراهيم ، عليه السلام ، أشبه الناس بى خَلقاً وخُلقاً ، فبدأني بالسلام والمصافحة والترحم ، ورأيت الدجال ، رجلاً جسيماً ، لحيماً ، آدم ، جعد الرأس ، كث اللحية ، ممسوح العين ، أحلى الجبهة براق الثنايا ، مكتوب بين عينيه كافر ، شبيه بفطن بن عبد العزى " . " ورأيت عمرو بن ربيعة بن يحيى بن قمعة بن خندف الخزاعى ، والحارث بن كعب بن عمرو ، وعليهما وفرة يجران قصبهما في النار " ، يعني أمعاءهما ، قيل للنبى صلى الله عليه وسلم : ولم ؟ قال : " لأنهما أول من سيبا السائبة ، واتخذا البحيرة والوصيلة والحام ، وأول من سميا اللات والعزى ، وأمرا بعبادتهما ، وغيرا دين الحنيفية ملة إبراهيم ، عليه السلام ، ونصبا الأوثان حول الكعبة ، فأما عمرو بن ربيعة ، فهو رجل قصير ، أشبه الناس به هذا ، يعني أكثم بن الجون الخزاعى " ، فقال أكثم : يا رسول الله ، أيضرني شبهه ؟ قال : " لا " ، أنت مؤمن وهو كافر " . فقال رجل من كفار قريش للمطعم بن عدى : عجلت على ابن أخيك ، ثم قال كهيئة المستهزئ : رويدك يا محمد حتى نسألك عن عيرنا ، هل رأيتها في الطريق ؟ قال : " نعم " ، قال : فأين رأيتها ؟ قال : " رأيت عير بنى فلان بالروحاء نزولاً ، قد ضلت لهم ناقة ، وهم في طلبها ، فمررت على رجالهم وليس بها أحد منهم ، فوجدت في إناء لهم ماء ، فشربت منه وتوضأت ، فاسألوهم إذا أتوكم ، هل كان ذلك ؟ " ، قالوا : هذه آية . قال : " ومررت على عير بني فلان ، في وادي كذا وكذا ، في ساعة كذا وكذا من الليل ، ومعي جبريل وميكائيل ، عليهما السلام ، فنفرت منا إبلهم ، فوقعت ناقة حمراء فانكسرت ، فهم يجبرونها ، فاسألوهم إذا أتوكم ، هل كان ذلك ؟ " ، قالوا : نعم ، هذه آية ، قال رجل منهم : فأين تركت عيرنا ؟ قال : " تركتها بالتنعيم قبيل " ، قال : فإن كنت صادقاً ، فهي قادمة الأن ، قال : " نعم " ، قال : فأخبرنا بعدتها وأحمالها وما فيها ، قال : " كنت عن ذلك مشغولاً ، غير أن برنساً كان لهم على البعير الذي يقدم الركب ، فسقط البرنس ، فرجع حبشي من القوم فأصابه ، فوضعه على آخر الركب ، فاسألوهم إذا أتوكم هل كان ذلك " . فبينا هو صلى الله عليه وسلم يحدثهم ، إذ مثل الله عز وجل له كل شىء حتى نظر إلى عدتها وأحمالها ومن فيها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أين السائل آنفاً عن إبله ، فإن عدتها وأحمالها ومن فيها كذا وكذا ، ويقدمها جمل أورق ، وهى قادمة الآن " ، فانطلقوا يسعون ، فإذا هي منحدرة من عتبة التنعيم ، وإذا هي وأحمالها وعدتها وما فيها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال المشركون : لقد صدق الوليد بن المغيرة ، إن هذا لساحر مبين ، وما يجرى محمد صلى الله عليه وسلم وهو بين أظهرنا متى تقدم عيرنا ، وما حالها وأحمالها ومن فيها ، فكفوا بعض الأذى سنة .