Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 88-96)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ } ، وذلك أن الله عز وجل أنزل في سورة هود : { قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مَّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ } [ هود : 13 ] ، فلم يطيعوا ذلك ، فقال الله تبارك وتعالى لهم في سورة يونس : { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ } [ يونس : 38 ] واحدة مثله ، فلم يطيقوا ذلك ، وأخبر الله تبارك وتعالى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : { قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ } ، فعان بعضهم بعضاً ، { عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ } ، يقول : لا يقدرون على أن يأتوا بمثله ، { وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً } [ آية : 88 ] ، يعني معيناً . { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ } ، يعني ضربنا { فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ } ، يعني من كل شبه في أمور شتى ، { فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } [ آية : 89 ] ، يعني إلا كفراً بالقرآن . { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً } [ آية : 90 ] ، يعني من أرض مكة ينبوعاً ، يعني عيناً تجرى ، " وذلك أن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم : سير لنا الجبال ، أو ابعث لنا الموتى فنكلمهم ، أو سخر لنا الريح ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا أطيق ذلك " ، فقال عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي ، وهو ابن عم أبي جهل ، والحارث بن هشام ، وهما ابنا عم ، فقالا : يا محمد ، إن كنت لست فاعلاً لقومك شيئاً مما سألوك ، فأرنا كرامتك على الله بأمر تعرفه ، فجر لبنى أبيك ينبوعاً بمكة مكان زمزم ، فقد شق علينا الميح " { أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ } ، يعني بستاناً ، { مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ ٱلأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً } [ آية : 91 ] ، يقول : تجري العيون في وسط النخيل ، والأعناب ، والشجر . { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً } [ آية : 92 ] . { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ } ، يعني من ذهب ، فإن لم تستطع شيئاً من هذا ، فأسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً ، يعني جانباً من السماء ، كما زعمت في سورة سبأ : { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً } [ سبأ : 9 ] ، يعني جانباً ، { مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [ سبأ : 9 ] . ثم قال : والذي يحلف به عبد الله ، لا أصدقك ولا أؤمن بك حتى تسند سلماً ، فترقى فيها إلى السماء ، وأنا أنظر إليك ، فتأتي بكتاب من عند الله عز وجل بأنك رسوله ، أو يأمرنا باتباعك ، وتجىء الملائكة يشهدون أن الله كتبه ، ثم قال : والله ما أدري إن فعلت ذلك أؤمن بك أم لا ، فذلك قوله سبحانه : { أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ } ، معاينة ، فيخبرنا أنك نبي رسول ، أو تأتي بالملائكة قبيلاً ، يعني كفيلاً ، يشهدون بأنك رسول الله عز وجل . فذلك قوله : { أَوْ تَرْقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا } ، يعني من السماء ، { كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ } من الله عز وجل بأنك رسوله خاصة ، فأنزل الله تعالى ، { قُلْ } لكفار مكة { سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً } [ آية : 93 ] ، نزه نفسه جل جلاله عن تكذيبهم إياه لقولهم لم يبعث محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً ، يقول : ما أنا إلا رسول من البشر . { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ } ، يعني رءوس كفار مكة ، { أَن يُؤْمِنُوۤاْ } ، يعني أن يصدقوا بالقرآن ، { إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ } ، يعني البيان ، وهو القرآن ؛ لأن القرآن هدى من الضلالة ، { إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً } [ آية : 94 ] ، نزلت في المستهزئين والمطعمين ببدر . فأنزل الله تبارك وتعالى : { قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ } ، يعني مقيمين بها ، مثل قوله سبحانه في النساء : { فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ } [ النساء : 103 ] ، يقول : فإذا أقمتم { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } [ النساء : 103 ] ، { لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً } [ آية : 95 ] . { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } ، يقول : فلا أحد أفضل من الله شاهداً بأني رسول الله إليكم ، { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } [ آية : 96 ] ، حين اختص محمداً صلى الله عليه وسلم بالرسالة .