Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 13-24)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ } ، يعني صدقوا بتوحيد ربهم ، { وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } [ آية : 13 ] ، حين فارقوا قومهم . { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } بالإيمان ، { إِذْ قَامُواْ } ، على أرجلهم قياماً ، { فَقَالُواْ رَبُّنَا } هو { رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ } ، يعني لن نعبد { مِن دُونِهِ إِلـٰهاً } ، يعني رباً غير الله عز وجل ، كفعل قومنا ، ولئن فعلنا ، { لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً } على الله { شَطَطاً } [ آية : 14 ] ، يعني جوراً ، نظيرها في ص : { وَلاَ تُشْطِطْ وَٱهْدِنَآ } [ ص : 22 ] ، وفي سورة الجن : { وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً } [ الجن : 4 ] . ثم قال سبحانه : { هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا ٱتَّخَذْواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً } ، يعبدونها ، { لَّوْلاَ } ، يعني هلا ، { يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ } ، يعني على الآلهة بحجة بينة بأنها آلهة ، { فَمَنْ } ، يعني فلا أحد ، { أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } [ آية : 15 ] ، بأن معه آلهة . ثم قال الفتية بعضهم لبعض ، { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ } ، من دون الله من الآلهة ، ثم استثنوا ، فقالوا : { إَلاَّ ٱللَّهَ } ، فلا تعتزلوا معرفته ، لأنهم عرفوا أن الله تعالى ربهم ، وهو خلقهم وخلق الأشياء كلها ، ثم قال بعضهم لبعض ، { فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ } ، يعني انتهوا إلى الكهف ، كقوله سبحانه : { إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ } [ الكهف : 63 ] ، { يَنْشُرْ لَكُمْ } ، يعني يبسط لكم ، { رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ } رزقاً ، { وَيُهَيِّىءْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً } [ آية : 16 ] ، يعني ما يرفق بكم ، فهيأ الله لكم الرقود في الغار ، فكان هذا من قول الفتية . يقول الله تبارك وتعالى : { وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ } ، يعني تميل عن كهفهم فتدعهم ، { ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت } الشمس ، { تَّقْرِضُهُمْ } ، يعني تدعهم { ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ } ، يعني في زاوية من الكهف ، { ذٰلِكَ } ، يعني هذا الذي ذكر من أمر الفتية ، { مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ } ، يعني من علامات الله وصنعه ، { مَن يَهْدِ ٱللَّهُ } لدينه ، { فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ } ، عن دينه الإسلام ، { فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً } ، يعني صاحباً ، { مُّرْشِداً } [ آية : 17 ] ، يعني يرشده إلى الهدى ؛ لأن وليه مثله في الضلالة . { وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً } ، حين يقلبون ، وأعينهم مفتحة . حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنا أبي ، عن الهذيل ، قال : قال مقاتل ، عن الضحاك : كان يقلبهم جبريل ، عليه السلام ، كل عام مرتين ؛ لئلا تأكل الأرض لحومهم ، { وَهُمْ رُقُودٌ } ، يعني نيام ، { وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ ٱليَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ } ، على جنوبهم ، وهم رقود لا يشعرون ، { وَكَلْبُهُمْ } ، اسمه : قمطير ، { بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِٱلوَصِيدِ } ، يعني الفضاء الذي على باب الكهف ، وكان الكلب لمكسلمينا ، وكان راعي غنم ، فبسط الكلب ذراعيه على باب الكهف ؛ ليحرسهم ، وأنام الله عز وجل الكلب في تلك السنين ، كما أنام الفتية ، يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : { لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً } [ آية : 18 ] . { وَكَذٰلِكَ } ، يعني وهكذا ، { بَعَثْنَاهُمْ } من نومهم فقاموا ، { لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ } فـ { قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ } ، وهومكسلمينا ، وهو أكبرهم سناً ، { كَم لَبِثْتُمْ } رقوداً ، { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً } ، وكانوا دخلوا الغار غدوة ، وبعثوا من آخر النهار ، فمن ثم قالوا : { أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ } ، يعني الأكبر ، وهو مكسلمينا وحده ، { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } في رقودكم منكم ، فردوا العلم إلى الله عز وجل ، ثم قال مكسلمينا : { فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ } ، يعني الدراهم ، { هَـٰذِهِ } التى معكم ، { إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ } ، فبعثوا يمليخا ، { فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَاماً } ، يعني أطيب طعاماً ، { فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ } ، يعني وليترفق حتى لا يفطن له ، { وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً } [ آية : 19 ] ، يعني ولا يعلمن بمكانكم أحداً من الناس . { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ } يعني يقتلوكم ، { أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } ، يعني في دينهم الكفر ، { وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذاً أَبَداً } [ آية : 20 ] ، كان هذا من قول مكسلمينا ، يقوله للفتية ، فلما ذهب يمليخا إلى القرية ، أنكروا دراهم دقيوس الجبار ، الذى فر منه الفتية ، فلما رأوا ذلك ، قالوا : هذا رجل كنزاً ، فلما خاف أن يعذب ، أخبرهم بأمرالفتية ، فانطلقوا معه إلى الكهف ، فلما انتهى يمليخا إلى الكهف ودخل ، سد الله عز وجل باب الكهف عليهم ، فلم يخلص إليهم أحد . { وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا } ، يقول : وهكذا أطلعنا ، { عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوۤاْ } ، يعني ليعلم كفارهم ومكذبوهم بالبعث إذا نظروا إليهم ، { أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } في البعث أنه كائن ، { وَ } ليعلموا { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ } آيتة ، يعني قائمة ، { لاَ رَيْبَ فِيهَا } ، يعني لا شك فيها ، في القيامة بأنها كائنة ، { إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُواْ ٱبْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ } ، يعني إذ يخلفون في القول في أمرهم ، فكان التنازع بينهم أن قالوا : كيف نصنع بالفتية ؟ قال بعضهم : نبني عليهم بنياناً ، وقال بعضهم ، وهم المؤمنون : { قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً } [ آية : 21 ] ، فبنوا مسجداً على باب الكهف . { سَيَقُولُونَ } ، يعني نصارى نجران : الفتية { ثَلاثَةٌ } نفر ، { رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ } ، يقول الله عز وجل : { رَجْماً بِٱلْغَيْبِ } ، يعني قذفاً بالظن لا يستيقنونه ، { وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } ، وإنما صاروا بالواو واو ؛ لأنه انقطع الكلام ، وقال أبو العباس ثعلب : ألفوا هذه الواو الحال ، كان المعنى : هذه حالهم عند ذكر الكلب ، هذا قول نصارى نجران السيد والعاقب ومن معهما من المار يعقوبيين ، وهم حزب النصارى ، { قُل } للنصارى : { رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم } من غيره ، { مَّا يَعْلَمُهُمْ } ، يعني عدتهم ، ثم استثنى : { إِلاَّ قَلِيلٌ } ، قل : ما يعلم عدة الفتية إلا قليل من النسطورية ، وهم حزب من النصارى ، وأما الذين غلبوا على أمرهم ، فهم المؤمنون الذين كانوا يقولون : ابنوا عليهم بنياناً بنداسيس الصلح ومن معه ، { فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ } ، يعني لا تمار يا محمد النصارى في أمر الفيتة ، { إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً } ، يعني حقاً بما في القرآن ، يقول سبحانه : حسبك بما قصصنا عليك من أمرهم ، { وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِّنْهُمْ أَحَداً } [ آية : 22 ] ، يقول : ولا تسأل عن أمر الفتية أحداً من النصارى . { وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً } [ آية : 23 ] . { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } ، وذلك حين سأل أبو جهل وأصحابه عن أصحاب الكهف ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : " ارجعوا إلىَّ غداً حتى أخبركم " ، ولم يستثن ، فأنزل الله عز وجل : { وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } { وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } ، يقول : إذا ذكرت الاستثناء فاستثن ، يقول الله : قل : إن شاء الله قبل أن ينزل الوحى إليك في أصحاب الكهف ، { وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً } [ آية : 24 ] ، " لقول النبي صلى الله عليه وسلم لهم : " ارجعوا إليَّ غداً حتى أخبركم عما سألتم " ، فقال عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم : وقل لهم عسى أن يرشدني ربي لأسرع من هذا الميعاد رشداً . "