Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 9-12)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ } ، والكهف ثقب يكون في الجبل كهيئة الغار ، واسمه : بانجلوس ، { وَٱلرَّقِيمِ } ، كتاب كتبه رجلان قاضيان صالحان ، أحدهما ماتوس ، والآخر أسطوس ، كانا يكتمان إيمانهما ، وكانا في منزل دقيوس الجبار ، وهو الملك الذي فر منه الفتية ، وكتبا أمر الفتية في لوح من رصاص ، ثم جعلاه في تابوت من نحاس ، ثم جعلاه في البناء الذي سدوا به باب الكهف ، فقال : لعل الله عز وجل أن يطلع على هؤلاء الفتية ؛ ليعلموا إذا قرأوا الكتاب ، قال سبحانه : { كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } [ آية : 9 ] . يقول سبحانه : أوحينا إليك من أمر الأمم الخالية ، وعلمناك من أمر الخلق ، وأمر ما كان ، وأمر ما يكون قبل أصحاب الكهف ، فهو أعجب من أصحاب الكهف ، وليس أصحاب الكهف بأعجب مما أوحينا إليك ، { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ } ، يعني بالرقيم الكتاب الذي كتبه القاضيان ، مثل قوله عز وجل : { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } [ المطففين : 7 - 9 ] ، يعني كتاب مكتوب ، { كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } ، يخبره به . وذلك أن أبا جهل قال لقريش : ابعثوا نفراً منكم إلى يهود يثرب ، فيسألونهم عن صاحبكم أنبي هو أم كذاب ؟ فإنا نرى أن ننصرف عنه ، فبثوا خمسة نفر ، منهم : النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط ، فلما قدموا المدينة ، قالوا لليهود : أتيناكم لأمر حدث فينا لا يزداد إلا نماء ، وإنا له كارهون ، وقد خفنا أن يفسد علينا ديننا ، ويلبس علينا أمرنا ، وهو حقير فقير يتيم ، يدعو إلى الرحمن ، ولا نعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذاب ، وقد علمتم أنه لم يأمر قط إلا بالفساد والقتال ، ويأتيه بذلك زعم جبريل ، عليه السلام ، وهو عدو لكم ، فأخبرونا هل تجدونه في كتابكم . قالوا : نجد نعته كما تقولون ، قالوا : إن في قومه من هو أشرف منه ، وأكبر سناً ، فلا نصدقه ، قالوا : نجد قومه أشد الناس عليه ، وهذا زمانه الذي يخرج فيه ، قالوا : إنما يعلمه الكذاب مسيلمة ، فحدثونا بأشياء نسأله عنها لا يعلمها مسيلمة ، ولا يعلمها إلا نبي ، قالوا : سلوه عن ثلاث خصال ، فإن أصابهن فهو نبي ، وإلا فهو كذاب ، سلوه عن أصحاب الكهف ، فقصوا عليهم أمرهم ، وسلوه عن ذى القرنين ، فإنه كان ملكاً ، وكان أمره كذا وكذا ، وسلوه عن الروح ، فإن أخبركم عنه بقليل أو كثير ، فهو كذاب ، فقصوا عليهم ، فرجعوا بذلك وأعجبهم . " فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو جهل : يا ابن عبد المطلب ، إنا سائلوك عن ثلاث خصال ، فإن علمتهن فأنت صادق ، وإلا فأنت كاذب ، فذر ذكر آلهتنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما هن ؟ سلوني عما شئتم " ، قالوا : نسألك عن أصحاب الكهف ، فقد أخبرنا عنهم ، ونسأل عن ذي القرنين ، فقد أخبرنا عنه بالعجب ، ونسألك عن الروح ، فقد ذكر لنا من أمره عجباً ، فإن علمتهن ، فأنت معذور ، وإن جهلتهن ، فأنت مسحور ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : " ارجعوا إليَّ غداً أخبركم " ، ولم يستثن ، فمكث النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام . ثم أتاه جبريل ، عليه السلام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا جبريل ، إن القوم سألونى عن ثلاث خصال " ، فقال جبريل ، عليه السلام : بهن أتيتك " ، إن الله عز وجل يقول : { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } ، ثم أخبر عنهم ، فقال سبحانه : { إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً } ، من عندك رحمة ، يعني رزقاً ، { وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } [ آية : 10 ] ، يعني تيسيراً ، فيها تقديم . { فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ } ، رقوداً ، { فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً } [ آية : 11 ] ، يعني ثلاثمائة سنة وتسع سنين . { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ } ، من بعد نومهم ، { لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ } ، يعني لنرى مؤمنهم ومشركهم ، { أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ } في رقودهم ، { أمْداً } [ آية : 12 ] ، يعني أجلاً ، فكان مؤمنوهم الذين كتبوا أمر الفتية هم أعلم بما لبثوا من كفارهم ، فلما بعثوا ، يعني الفتية من نومهم ، أتوا القرية ، فأسلم أهل القرية كلهم .