Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 74-82)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
خرجا من السفينة على بحر إيلة ، { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً } سداسياً ، { فَقَتَلَهُ } الخضر بحجر أسود ، واسم الغلام : حسين بن كازرى ، واسم أمه : سهوى ، فلم يصبر موسى حين رأى المنكر ألا ينكره ، فـ { قَالَ } للخضر : { أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً } ، يعني لا ذنب لها ، ولم يجب عليها القتل ، { بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } [ آية : 74 ] ، يقول أتيت أمراً فظيعاً ، قال يوشع لموسى : اذكر العهد الذي أعطيته عن نفسك . { قَالَ } الخضر لموسى ، عليهما السلام ، { أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } [ آية : 75 ] ، وإنما قال : { أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ } ؛ لأنه كان قد تقدم إليه قبل ذلك بقوله : { إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } ، على ما ترى من العجائب . { قَالَ } موسى : { إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا } ، يعني بعد قتل النفس ، { فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً } [ آية : 76 ] ، يقول : لقد أبلغت في العذر إليَّ . { فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا } الطعام ، تسمى القرية : باجروان ، ويقال : أنطاكية . قال مقاتل : قال قتادة : هي القرية ، { فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا } ، يعني أن يطعموهما ، { فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } ، كانوا بلوا الطين ، { فَأَقَامَهُ } الخضر جديداً فسواه ، { قَالَ } موسى : عمدت إلى قوم لا يطعمونا ولم يضيفونا ، فأقمت لهم جدارهم فسويته لهم بغير أجر ، يعني بغير طعام ولا شيء ، { لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } [ آية : 77 ] ، أي لو شئت أعطيت عليه شيئاً . { قَالَ } الخضر : { هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ } ، يعني بعاقبة ، { مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } [ آية : 78 ] ، كقوله سبحانه : { يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ } [ الأعراف : 53 ] ، يعني عاقبته . ثم قال الخضر لموسى ، عليهما السلام ، { أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا } ، يعني أن أخرقها ، { وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ } ، يعني أمامهم ، كقوله سبحانه : { وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً } [ الإنسان : 27 ] ، واسم الملك : مبدلة بن جلندي الأزدي ، { يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ } صالحة صحيحة سوية ، { غَصْباً } [ آية : 79 ] ، كقوله سبحانه : { فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً } [ الأعراف : 190 ] يعني سوياً ، يعني غصباً من أهلها ، يقول : فعلت ذلك ؛ لئلا ينتزعها من أهلها ظلماً ، وهم لا يضرهم خرقها . { وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ } ، وكان الغلام كافراً ، يقطع الطريق ، ويحدث الحديث ، ويلجأ إليهما ويجادلان عنه ، ويحلفان بالله ما فعله ، وهم يحسبون أنه بريء من الشر ، قال الخضر : { فَخَشِينَآ } ، يعني فعلمنا ، كقوله سبحانه : { وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً } [ النساء : 128 ] ، يعني علمت ، وكقوله تعالى : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَٱبْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَآ } [ النساء : 35 ] ، يعني علمتم ، { أَن يُرْهِقَهُمَا } ، يعني يغشيهما ، { طُغْيَاناً } ، يعني ظلماً ، { وَكُفْراً } [ آية : 80 ] ، وفي قراءة أبي بن كعب : فخاف ربك ، يعني فعلم ربك . { فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا } ، يعني لأبويه لقتل الغلام ، والعرب تسمي الغلام غلاماً ، ما لم تسو لحيته ، فأردنا أن يبدلهما ربهما ، يعني يبدل والديه ، { خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً } ، يعني عملاً ، { وَأَقْرَبَ رُحْماً } [ آية : 81 ] ، يعني وأحسن منه براً بوالده ، وكان في شرف وعده ، وبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله عز وجل أبدلهما غلاماً مكان المقتول ، ولو عاش المقتول لهلكا في سببه " { وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ } ، يعني في قرية تسمى : باجروان ، ويقال : هي أنطاكية ، { وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا } ، حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنا أبي ، عن مقاتل ، عن الضحاك ومجاهد ، قال : صحفاً فيها العلم ، ويقال : المال ، { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً } ، يعني ذا أمانة ، اسم الأب : كاشح ، واسم الأم : دهنا ، واسم أحد الغلامين ، أصرم ، والآخر : صريم ، { فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا } ، والأشد ثمانى عشرة سنة ، { رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } ، يقول : نعمة من ربك للغلامين ، { وَمَا فَعَلْتُهُ } ، وما فعلت هذا ، { عَنْ أَمْرِي } ، ولكن الله أمرني به ، { ذَلِكَ تَأْوِيلُ } ، يعني عاقبة ، { مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً } [ آية : 82 ] ، يعني هذا عاقبة ما رأيت من العجائب ، نظيرها : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ } [ الأعراف : 35 ] ، يعني عاقبة ما ذكر الله تعالى في القرآن من الوعيد .