Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 135-141)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُواْ } ، وذلك أن رءوس اليهود كعب بن الأشرف ، وكعب بن أسيد ، وأبا ياسر بن أخطب ، ومالك بن الضيف ، وعازارا ، وإشماويل ، وحميشا ، ونصارى نجران السيد ، والعاقب ومن معهما ، قالوا للؤمنين : كونوا على ديننا ، فإنه ليس دين إلا ديننا ، فكذبهم الله تعالى ، فقال : { قُلْ بَلْ } الدين { مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ } ، يعنى الإسلام ، ثم قال : { حَنِيفاً } ، يعنى مخلصاً ، { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ آية : 135 ] ، يعني من اليهود والنصارى . ثم أمر الله عز وجل المؤمنين ، فقال : { قُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ } بأنه واحد لا شريك له ، { وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا } ، يعنى قرآن محمد صلى الله عليه وسلم ، { وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ } ، وهم بنو يعقوب يوسف وإخوته ، فنزل على هؤلاء صحف إبراهيم ، قال : { وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ } ، يعنى التوراة ، { وَ } ما أوتى { عِيسَىٰ } ، يعنى الإنجيل ، يقول : ما أنزل على موسى وعيسى وصدقنا ، { وَمَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ } ، وأوتي داود وسليمان الزبور ، { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ } ، فنؤمن ببعض النبيين ونكفر ببعض ، كفعل أهل الكتاب ، { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [ آية : 136 ] ، يعنى مخلصون ، نظيرها فى آل عمران . يقول الله سبحانه : { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ } ، يقول : فإن صدق أهل الكتاب بالذى صدقتم به يا معشر المسلمين من الإيمان بجميع الأنبياء والكتب ، { فَقَدِ ٱهْتَدَواْ } من الضلالة ، { وَّإِن تَوَلَّوْاْ } ، أى وإن كفروا بالنبيين وجميع الكتب ، { فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ } ، يعنى فى ضلال واختلاف ، نظيرها : { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِي ٱلْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } [ البقرة : 176 ] ، يعنى لفى ضلال واختلاف ؛ لأن اليهود كفروا بعيسى ومحمد ، صلى الله عليهما وسلم ، وبما جاءا به ، وكفرت النصارى بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به ، فلما نزلت هذه الآية قرأها النبى صلى الله عليه وسلم على اليهود والنصارى ، فقال : " إن الله عز وجل أمرنى أن أوصي بهذه الآية ، فإن أنتم آمنتم ، يعنى صدقتم بالنبى صلى الله عليه وسلم والكتاب ، فقد اهتديتم ، وإن توليتم وأبيتم عن الإيمان ، فإنما أنتم فى شقاق " فلما سمعت اليهود ذكر عيسى صلى الله عليه وسلم ، قالوا : لا نؤمن بعيسى ، وقالت النصارى : وعيسى بمنزلتهم مع الأنبياء ، ولكنه ولد الله ، يقول : إن أبوا أن يؤمنوا بمثل ما آمنتم به ، { فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ } يا محمد ، يعنى أهل الكتاب ، ففعل الله عز وجل ذلك ، فقتل أهل قريظة ، وأجلى بنى النضير من المدينة إلى الشام ، { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } [ آية : 137 ] ، لقولهم للمؤمنين : { كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُواْ } ، ثم قال : { ٱلْعَلِيمُ } بما قالوا : قل لهم : { صِبْغَةَ ٱللَّهِ } التى صبغ الناس عليها ، { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً } ، يعنى الإسلام ؛ لقولهم للمؤمنين : اتبعوا ديننا ، فإنه ليس دين إلا ديننا ، يقول الله عز وجل : دين الله ، ومن أحسن من الله ديناً ؟ ! يعنى الإسلام ، { وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ } [ آية : 138 ] ، يعني موحدون . { قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ } ، يقول : أتخاصموننا فى الله ، { وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ } ، فقال لهم : { وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ } [ آية : 139 ] ، يقول : لنا ديننا ولكم دينكم ، يعنى أن يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران قالوا للمؤمنين : إن أنبياء الله كانوا منا من بنى إسرائيل ، فكانوا على ديننا ، فأنزل الله عز وجل يكذبهم : { أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ } ، وإنما سموا الأسباط ؛ لأنه ولد لكل واحد منهم أمة من الناس ، { كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ قُلْ } لهم يا محمد : { أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ } بدينهم { أَمِ ٱللَّهُ } ، ثم قال عز وجل : { وَمَنْ أَظْلَمُ } ، يقول : فلا أحد أظلم { مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [ آية : 140 ] ، فكتموا تلك الشهادة التى عندهم ، وذلك أن الله عز وجل بين أمر محمد فى التوراة والإنجيل ، وكتموا تلك الشهادة التى عندهم ، وذلك قوله : { وَإِذَ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ } [ آل عمران : 187 ] ، يعنى أمر محمد صلى الله عليه وسلم . فلما قالوا : إن إبراهيم وبنيه ، ويعقوب وبنيه كانوا على ديننا ، قال الله تعالى : { تِلْكَ أُمَّةٌ } ، يعني عصبة ، يعني إبراهيم وبنيه ويعقوب وبنيه ، { قَدْ خَلَتْ } ، يعنى قد مضت ، { لَهَا مَا كَسَبَتْ } ، يعني من العمل ، يعني من الدين ، { وَلَكُمْ } معشر اليهود والنصارى ، { مَّا كَسَبْتُمْ } من العمل ، يعنى من الدين ، { وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ آية : 141 ] أولئك .