Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 144-150)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِ } ، يعنى نرى أنك تديم نظرك إلى السماء ، { فَلَنُوَلِّيَنَّكَ } يعنى لنحولنك إلى { قِبْلَةً تَرْضَاهَا } ؛ لأن الكعبة كانت أحب إلى النبى صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس ، { فَوَلِّ } ، يعنى فحول { وَجْهَكَ شَطْرَ } ، يعني تلقاء { ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ } من الأرض { فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ } ، يعنى فحولوا وجوهكم فى الصلاة تلقاءه ، وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى فى مسجد بنى سلمة ، فصلى ركعة ، ثم حولت القبلة إلى الكعبة ، وفرض الله صيام رمضان ، وتحويل القبلة ، والصلاة إلى الكعبة قبل بدر بشهرين ، وحرم الخمر قبل الخندق . { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } ، يعنى أهل التوراة ، وهم اليهود ، منهم الحميس بن عمرو ، قال : يا محمد ، ما أمرت بهذا الأمر ، وما هذا إلا شىء ابتدعته ، يعني فى أمر القبلة ، فأنزل الله عز وجل : { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } ، يعني أهل التوراة ، { لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ } ، بأن القبلة هى الكعبة ، فأوعدهم الله ، فقال : { وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ } [ آية : 144 ] ، يعني عما يعملون من كفرهم بالقبلة ، { وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } ، يعنى اليهود ، ينحوم بن سكين ، ورافع ابن سكين ، ورافع ابن حريملة ، ومن النصارى أهل نجران السيد والعاقب ، فقالوا للنبى صلى الله عليه وسلم : ائتنا بآية نعرفها كما كانت الأنبياء تأتى بها ، فأنزل الله عز وجل : { وَلَئِنْ أَتَيْتَ } ، يقول : ولئن جئت يا محمد { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } { بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ } ، يعني الكعبة ، { وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ } ، يعنى بيت المقدس ، ثم قال : { وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ } ، يقول : إن اليهود يصلون قبل المغرب لبيت المقدس ، والنصارى قبل المشرق ، فأنزل الله عز وجل يحذر نبيه صلى الله عليه وسلم ويخوفه : { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم } ، فصليت إلى قبلتهم { مِّن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } ، يعني البيان ، { إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ آية : 145 ] . { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } ، يعني اليهود منهم : أبو ياسر بن أخطب ، وكعب بن الأشرف ، وكعب بن أسيد ، وسلام بن صوريا ، وكنانة بن أبى الحقيق ، ووهب بن يهوذا ، وأبو نافع ، فقالوا للنبى صلى الله عليه وسلم : لم تطوفون بالكعبة ، وإنما هى حجارة مبنية ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " إنكم لتعلمون أن الطواف بالبيت حق ، فإنه هو القبلة مكتوب فى التوراة والإنجيل ، ولكنكم تكتمون ما فى كتاب الله من الحق وتجحدونه " ، فقال ابن صوريا ما كتمنا شيئاً مما فى كتابنا ، فأنزل الله عز وجل : { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } ، يقول : أعطيناهم التوراة ، { يَعْرِفُونَهُ } ، أى يعرفون البيت الحرام أنه القبلة ، { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ } ، يعنى طائفة من هؤلاء الرءوس { لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ } ، يعني أمر القبلة { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [ آية : 146 ] أن البيت هو القبلة . ثم قال سبحانه : { ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } يا محمد إن القبلة التى وليناكها هى القبلة ، { فَلاَ } ، يعنى لئلا { تَكُونَنَّ } يا محمد { مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } [ آية : 147 ] ، يعني من الشاكين أن البيت الحرام هو القبلة ، { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا } ، يقول : لكل أهل ملة قبلة هم مستقبلوها ، يريدون بها الله عز وجل ، { فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ } ، يقول : سارعوا فى الصالحات من المال ، { أَيْنَ مَا تَكُونُواْ } من الأرض أنتم وأهل الكتاب ، { يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً } يوم القيامة ، { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ آية : 148 ] من البعث وغيره قدير . { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ } ، يقول : ومن أين توجهت من الأرض ، { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } ، يقول : فحول وجهك فى الصلاة تلقاء المسجد الحرام ، { وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [ آية : 149 ] ، { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } ، يعنى الحرم كله ، فإنه مسجد كله ، { وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ } من الأرض ، { فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } ، يعنى فحولوا وجوهكم تلقاءه ، ثم قال : { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ } ، يعنى اليهود فى أن الكعبة هى القبلة ولا حجة لهم عليكم فى انصرافكم إليها ، ثم استثنى ، فقال : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } ، يعني من الناس ، يعنى مشركي العرب ، وذلك أن مشركى مكة قالوا : إن الكعبة هى القبلة ، فما بال محمد تركها وكانت لهم فى ذلك حجة ، يقول الله عز وجل : { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ } أن يكون لهم عليكم حجة فى شىء غيرها ، { وَٱخْشَوْنِي } فى ترك أمري فى أمر القبلة ، ثم قال عز وجل : { وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ } فى انصرافكم إلى الكعبة وهى القبلة ، { وَلَعَلَّكُمْ } ولكي { تَهْتَدُونَ } [ آية : 150 ] من الضلالة ، فإن الصلاة قبل بيت المقدس بعد ما نسخت الصلاة إليه ضلالة . قال : حدثنا عبيد الله بن ثابت ، قال : حدثنا أبي ، قال الهذيل ، عن ليث بن سعد ، عن يزيد بن أبى حبيب ، عن أبى الجهم مرثد ، عن عبدالله بن عمرو بن العاص ، قال : إنكم ستفتحون قسطنطينية والرومية وحمقلة . قال : حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن أبى لهيعة ، عن أبى قبيل ، عن عبدالله بن عمرو ، قال : إنكم ستفتحون رومية ، فإذا دخلتموها فادخلوا كنيستها الشرقية ، فعدوا سبع بلاطات واقعلوا الثامنة ، وهى بلاطة حمراء ، فإن تحتها عصا موسى ، وإنجيل عيسى ، وحُلي إيلياء ، يعنى بيت المقدس ، هذا خزيهم فى الدنيا ، ولهم فى الآخرة عذاب النار . قال : حدثنا عبيدالله ، قال : حثدنى أبى ، عن الهذيل بن حبيب ، عن مقاتل ، قال : كل من ملك القبط يسمى قيطوس ، وكل من ملك الروم يسمى قيصر ، وكل من ملك الفرس يسمى كسرى .