Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 207-210)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ } ، وذلك أن كفار مكة أخذوا عماراً ، وبلالاً ، وخباباً ، وصهيباً ، فعذبوهم لإسلامهم حتى يشتموا النبى صلى الله عليه وسلم فأما صهيب بن سنان مولى عبدالله ابن جدعان القرشى ، وكان شخصاً ضعيفاً ، فقال لأهل مكة : لا تعذبونى ، هل لكم إلى خير ؟ قالوا : وما هو ؟ قال : أنا شيخ كبير ، لا يضركم إن كنت معكم أو مع غيركم ، لئن كنت معكم لا أنفعكم ، ولئن كنت مع غيركم لا أضركم ، وإن لي عليكم لحقاً لخدمتى وجواري إياكم ، فقد علمت أنكم إنما تريدون مالي ، وما تريدون نفسي ، فخذوا مالي واتركوني وديني غير راحلة ، فإن أردت أن ألحق بالمدينة فلا تمنعوني ، فقال بعضهم لبعض : صدق ، خذوا ماله فتعاونوا به على عدوكم ، ففعلوا ذلك ، فاشترى نفسه بماله كله غير راحلة ، واشترط ألا يمنع عن صلاة ، ولا هجرة . فأقام بين أظهرهم ما شاء ، ثم ركب راحلته نهاراً حتى أتى المدنية مهاجراً ، فلقيه أبو بكر ، رضى الله عنه ، فقال : ربح البيع يا صهيب ، فقال : وبيعك لا يخسر ، فقال أبو بكر ، رضى الله عنه : قد أنزل الله فيك : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ } { وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ } [ آية : 207 ] ، يعني للفعل فعل الرومي صهيب بن سنان مولى عبدالله بن جدعان بن عمرو بن سعيد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى . قال عبدالله بن ثابت : سمعت أبي يقول : سمعت هذا الكتاب من أوله إلى آخره من الهذيل أبى صالح ، عن مقاتل بن سليمان ببغداد درب السدرة سنة تسعين ومائة ، قال : وسمعته من أوله إلى آخره قراءة عليه فى المدينة فى سنة أربع ومائتين ، وهو ابن خمس وثمانين سنة ، رحمنا الله وإياهم . { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً } ، وذلك أن عبدالله بن سلام ، وسلام بن قيس ، وأسيد وأسد ابنا كعب ، ويامين بن يامين ، وهم مؤمنوا أهل التوراة ، استأذنوا النبى صلى الله عليه وسلم فى قراءة التوراة فى الصلاة ، وفى أمر السبت ، وأن يعملوا ببعض ما فى التوراة ، فقال الله عز وجل : خذوا سنة محمد صلى الله عليه وسلم وشرائعه ، فإن قرآن محمد ينسخ كل كتاب كان قبله ، فقال : { ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً } ، يعني فى شرائع الإسلام كلها ، { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } ، يعنى تزيين الشيطان ، فإن السُنة الأولى بعدما بعث محمد صلى الله عليه وسلم ضلالة من خطوات الشيطان ، { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } [ آية : 208 ] ، يعنى بين . { فَإِن زَلَلْتُمْ } ، يعنى ضللتم عن الهدى وفعلتم هذا { مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } ، يعنى شرائع محمد صلى الله عليه وسلم وأمره ، ثم حذرهم عقوبته ، فقال : { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } فى نقمته ، { حَكِيمٌ } [ آية : 209 ] حكم عليهم العذاب ، { هَلْ يَنظُرُونَ } ، يعنى ما ينظرون ، { إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ } ، يعنى كهيئة الضبابة أبيض ، { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } فى غير ظلل فى سبعين حجاباً ، من نور عرشه والملائكة يسبحون ، فذلك قوله : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً } [ الفرقان : 25 ] ، يعنى وليس بسحاب ، ثم قال سبحانه : { وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } ، يعنى وقع العذاب ، { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } [ آية : 210 ] ، يقول : يصير أمر الخلائق إليه فى الآخرة .