Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 250-252)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَمَّا بَرَزُواْ } لقتال { لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ } ، قال أصحاب الغرفة : { قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً } ، يعنى ألق ، أصبب علينا صبراً ، كقوله سبحانه : { أَفْرِغْ } يعنى أصبب ، { عَلَيْهِ قِطْراً } [ الكهف : 96 ] ، { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا } عند القتال حتى لا تزول ، { وَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } [ آية : 250 ] ، يعنى جالوت وجنوده ، وكانوا يعبدون الأوثان ، فاستجاب الله لهم ، وكانوا مؤمنين ، أصحاب الغرفة فى العصاة . فلما التقى الجمعان وطالوت فى قلة وجالوت فى كثرة ، عمد داود ، عليه السلام ، فقام بحيال جالوت ، لا يقوم ذلك المكان إلا من يريد قتال جالوت ، فجعل الناس يسخرون من داود حين قام بحيال جالوت ، وكان جالوت من قوم عاد عليه بيضة فيها ثلاثمائة رطل ، فقال جالوت : من أين هذا الفتى ؟ ارجع ويحك ، فإنى أراك ضعيفاً ، ولا أرى لك قوة ، ولا أرى معك سلاحاً ، ارجع فإنى أرحمك ، فقال داود ، عليه السلام : أنا أقتلك بإذن الله عز وجل ، فقال جالوت : بأى شىء تقتلنى ؟ وقد قمت مقام الأشقياء ، ولا أرى معك سلاحاً إلا عصاك هذه ، هلم فاضربنى بها ما شئت ، وهى عصاه التى كان يرد بها غنمه ، قال داود : أقتلك بإذن الله بما شاء الله . فتقدم جالوت ليأخذه بيده مقتدراً عليه فى نفسه ، وقد صارت الحجارة الثلاثة حجراً واحداً ، فلما دنا جالوت من داود ، أخرج الحجر من مخلاته ، وألقت الريح البيضة عن رأسه ، فرماه فوقع الحجر فى دماغه حتى خرج من أسفله ، وانهزم الكفار ، وطالوت ومن معه وقوف ينظرون ، فذلك قوله سبحانه : { فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ } بحذافة فيها حجر واحد ، وقتل معه ثلاثون ألفاً ، وطلب داود نصف مال طالوت ونصف ملكه ، فحسده طالوت على صنيعه وأخرجه ، فذهب داود حتى نزل قرية من قرى بنى إسرائيل وندم طالوت على صنيعه ، فقال فى نفسه : عمدت إلى خير أهل الأرض بعثه الله عز وجل لقتل جالوت فطردته ، ولم أف له ، وكان داود ، عليه السلام ، أحب إلى بنى إسرائيل من طالوت . فانطلق فى طلب داود ، فطرق امرأة ليلاً من قدماء بنى إسرائيل تعلم اسم الله الأعظم ، وهى تبكى على داود ، فضرب بابها ، فقالت : من هذا ؟ قال : أنا طالوت ، فقالت : أنت أشقى الناس وأشرهم ، هل تعلم ما صنعت ؟ طردت داود النبى صلى الله عليه وسلم ، وكان أمره من الله عز وجل ، وكانت له آية فيه من أمر الدرع وصفة أشماويل وظهوره على جالوت ، وقتل الله عز وجل به أهل الأوثان فانهزموا ، ثم غدرت بداود وطردته ، هلكت يا شقى ، فقال لها : إنما أتيتك لأسألك ما توبتى ؟ قالت : توبتك أن تأتى مدينة بلقاء ، فتقاتل أهلها وحدك ، فإن افتتحتها ، فهى توبتك ، فانطلق طالوت ، فقاتل أهل بلقاء وحده ، فقتل وعمدت بنو إسرائيل إلى داود ، عليه السلام ، فردوه وملكوه ، ولم يجتمع بنو إسرائيل لملك قط غير داود ، عليه السلام ، فكانوا اثنى عشر سبطاً ، لكل سبط ملك بينهم ، فذلك قوله تبارك وتعالى : { فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ } . { وَآتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ } ، يعنى ملكه اثنا عشر سبطاً ، { وَٱلْحِكْمَةَ } ، يعنى الزبور ، { وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ } ، علمه صنعة الدروع ، وكلام الدواب والطير ، وتسبيح الجبال ، { وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } ، يقول الله سبحانه : لولا دفع الله المشركين بالمسلمين ، لغلب المشركون على الأرض ، فقتلوا المسلمين ، وخرجوا المساجد والبيع والكنائس والصوامع ، فذلك قوله سبحانه : { لَفَسَدَتِ ٱلأَرْضُ } ، يقول : لهلكت الأرض نظيرها : { إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا } [ النمل : 34 ] ، يعنى أهلكوها ، { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } [ آية : 251 ] فى الدفع عنهم . { تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ } ، يعنى القرآن ، { نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ آية : 252 ] .