Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 97-103)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فذلك قوله عز وجل : { وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ } يعنى وعد البعث أنه حق كائن { فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ } يعنى فاتحة { أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالبعث لا يطرفون مما يرون من العجائب ، يعنى التى كانوا يكفرون بها فى الدنيا ، قالوا : { يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا } اليوم ، ثم ذكر قول الرسل لهم فى الدنيا أن البعث كائن ، فقالوا : { بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ } [ آية : 97 ] أخبرنا بهذا اليوم فكذبنا به . { إِنَّكُمْ } يعنى كفار مكة { وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } يعنى رمياً فى جهنم ترمون فيها { أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } [ آية : 98 ] يعنى داخلون . { لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ } الأوثان { آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا } يعنى ما دخلوها ، يعنى جهنم ، لامتنعت من دخولها { وَكُلٌّ } يعنى الأوثان ومن يعبدها { فِيهَا } يعنى فى جهنم { خَالِدُونَ } [ آية : 99 ] نزلت فى بنى سهم ، منهم : العاص بن وائل ، والحارث وعدى ابنى قيس ، وعبد الله بن الزبعرى بن قيس ، وذلك " أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل المسجد الحرام ، ونفر من بنى سهم جلوس فى الحطيم ، وحول الكعبة ثلاث مائة وستون صنماً ، فاشار بيده إليهم ، فقال : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعنى الأصنام { حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } [ الأنبياء : 98 ، 99 ] إلى آيتين ، ثم خرج فدخل ابن الزبعرى ، وهم يخوضون فيما ذكر النبى صلى الله عليه وسلم لهم ولآلهتم ، فقال : ما هذا الذى تخوضون ؟ فذكروا له قول النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال الزبعرى : والله ، لئن قالها بين يدى لأخصمنه . فدخل النبى صلى الله عليه وسلم من ساعته ، فقال ابن الزبعرى : أهى لنا ولآلهتنا خاصة ؟ أم لنا ولآلهتنا ولجميع الأمم ولآلهتهم ؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم ولآلهتهم " . قال : خصمتك ورب الكعبة ، ألست تزعم أن عيسى نبى ، وتثنى عليه ، وعلى أمه خيراً ، وقد علمت أن النصارى يعبدونهما ، وعزيز يعبد ، والملائكة تعبد ، فإن كان هؤلاء معنا قد رضينا أنهم معنا ، فسكت النبى صلى الله عليه وسلم " ثم قال سبحانه : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } يعنى آخر نهيق الحمار { وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } [ آية : 100 ] الصوت ، وذلك حين يقال لأهل النار : اخسئوا فيها ولا تكلمون ، فصاروا بكماً وعمياً وصماً . ثم استثنى ممن كان يعبد أنهم لا يدخلون جهنم ، فقال سبحانه : { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } الجنة { أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا } يعنى جهنم { مُبْعَدُونَ } [ آية : 101 ] يعنى عيسى ، وعزيراً ، ومريم ، والملائكة ، عليهم السلام { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا } يقول : لا يسمع أهل الجنة صوت جهنم حين يقال لهم : اخسئوا فيها ، ولا تكلموا ، فتغلق عليهم أبوابها ، فلا تفتح عنهم أبداً ، ولا يسمع أحد صوتها . { وَهُمْ } يعنى هؤلاء { فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ } [ آية : 102 ] يعنى لا يموتون ، فلما سمع بنو سهم بما استثنى الله ، عز وجل ، ممن يعبد من الآلهة ، عزير ، وعيسى ، ومريم ، والملائكة ، قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم : هلا استثنيت هؤلاء حين سألناك ، فلما خلوت تفكرت . قوله سبحانه : { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } . حدثنا أبو محمد ، قال : حدثنى أبى ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن نعمان ، عن سليم ، عن ابن عباس ، أنه قال على منبر البصرة : ما تقولون فى تفسير هذه الآية { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } ؟ ثلاث مرات فلم يحبه أحد . فقال : تفسير هذه الآية أن الله ، عز وجل ، إذا ادخل أهل الجنة ، ورأوا ما فيها من النعيم ذكروا الموت ، فيخافون أن يكون آخر ذلك الموت فيحزنهم ذلك ، وأهل النار إذا دخلوا النار ورأوا ما فيها من العذاب يرجون أن يكون آخر ذلك الموت ، فأراد الله ، عز وجل ، أن يقطع حزن أهل الجنة ، ويقطع رجاء أهل النار ، فيبعث الله ، عز وجل ، ملكاً وهو جبريل ، عليه السلام ، ومعه الموت فى صورة كبش أملح ، فيشرف به على أهل الجنة ؛ فينادى : يا أهل الجنة ، فيسمع أعلاها درجة وأسفلها درجة ، والجنة درجات ، فيجيبه أهل الجنة ، فيقول : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم ، هذا الموت ، قال : ثم ينصرف به إلى النار ، فيشرف به عليهم فينادى اهل النار ، فيسمع أعلاها دركاً ، وأسفلها دركاً ، والنار دركات ، فيجيبونه ، فيقول : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم ، قال : ثم يرده إلى مكان مرتفع بين الجنة والنار حيث ينظر إليه أهل الجنة ، وأهل النار ، فيقول الملك : إنا ذابحوه ، فيقول أهل الجنة بأجمعهم : نعم ، لكى يأمنوا الموت ، ويقول أهل النار بأجمعهم : لا ، لكى يذوقوا الموت ، قال : فيعمد الملك إلى الكبش الأملح ، وهو الموت فيذبحه ، وأهل الجنة وأهل النار ينظرون إليه ، فينادى الملك : يا أهل الجنة ، خلود لا موت فيه ، فيأمنون الموت . فذلك قوله تعالى : { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } ثم ينادى الملك : يا أهل النار ، خلود لا موت فيه . قال ابن عباس : فلولا ما قضى الله ، عز وجل ، على أهل الجنة من الخلود فى الجنة ، لماتوا من فرحتهم تلك ، ولولا ما قضى الله ، عز وجل ، على أهل النار من تعمير الأرواح فى الأبدان لماتوا حزناً . فذلك قوله ، عز وجل : { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ ٱلأَمْرُ … } [ مريم : 39 ] يعنى إذ وجب لهم العذاب ، يعنى ذبح الموت ، فاستيقنوا الخلود فى النار والحسرة والندامة ، فذلك قول الله ، عز وجل ، للمؤمنين : { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } يعنى الموت بعد ما دخلوا الجنة . { وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } يعنى الحفظة الذين كتبوا أعمال بنى آدم ، حين خرجوا من قبورهم ، قالوا للمؤمنين : { هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } [ آية : 103 ] فيه الجنة .