Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 1-9)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سُورَةٌ } يريد فريضة وحكم { أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا } يعني وبيناها { وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } يعني عز وجل آيات القرآن بينات ، يعني واضحات ، يعني حدوده تعالى وأمره ونهيه ، { لَّعَلَّكُمْ } يعني لكي { تَذَكَّرُونَ } [ آية : 1 ] ، فتتبعون ما فيه من الحدود والنهي . { ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي } إذا لم يحصنا { فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ } يجلد الرجل على بشرته وعليه إزار ، وتجلد المرأة جالسة عليها درعها { وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ } يعني رقة في أمر الله ، عز وجل ، من تعطيل الحدود عليهما ، { إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } الذى فيه جزاء الأعمال ، فلا تعطلوا الحد ، { وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا } يعني جلدهما { طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ آية : 2 ] يعني رجلين فصاعدا ، يكون ذلك نكالا لهما وعظة للمؤمنين . قال الفراء : الطائفة الواحد فما فوقه { ٱلزَّانِي } من أهل الكتاب { لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً } من أهل الكتاب { أَوْ } ينكح { مُشْرِكَةً } من غير أهل الكتاب من العرب ، يعني الولائد اللاتي يزنين بالأجر علانية منهن أم شريك جارية عمرو بن عمير المخزومي ، وأم مهزول جارية بن أبي السائب بن عايذ ، وشريفة جارية زمعة بن الأسود ، وجلالة جارية سهيل بن عمرو ، وقريبة جارية هشام بن عمرو ، وفرشي جارية عبد الله بن خطل ، وأم عليط جارية صفوان بن أمية ، وحنة القبطية جارية العاص بن وائل ، وأميمة جارية عبد الله بن أُبي ، ومسيكة بنت أمية جارية عبد الله بن نفيل ، كل امرأة منهن رفعت علامة على بابها ، كعلامة البيطار ليعرف أنها زانية ، وذلك أن نفراً من المؤمنين سألوا النبي صلى الله عن تزويجهن بالمدينة ، قالوا : إئذن لنا في تزويجهن ، فإنهن أخصب أهل المدينة وأكثر خيراً ، والمدينة غالية السعر ، والخبز بها قليل ، وقد أصابنا الجهد ، فإذا جاء الله ، عز وجل ، بالخير طلقناهن وتزوجنا المسلمات ، فأنزل الله عز وجل : { ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً } { وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ } يقول : وحرم تزويجهن { عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ آية : 3 ] . { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ } يعني نساء المؤمنين بالزنا { ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ } من الرجال على قولهم { فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } يجلد بين الضربين على ثيابه { وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً } ما دام حياً { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [ آية : 4 ] يعني العاصين في مقالتهم . ثم استثنى ، فقال : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ } يعني بعد الرمى { وَأَصْلَحُواْ } العمل فليسوا بفساق { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } لقذفهم { رَّحِيمٌ } [ آية : 5 ] بهم " فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم هاتين الآيتين في خطبة يوم الجمعة ، فقال عاصم بن عدي الأنصاري للنبي صلى الله عليه وسلم : جعلنى الله فداك ، لو أن رجلاً منا وجد على بطن امرأته رجلاً ، فتكلم جلد ثمانين جلدة ، ولا تقبل له شهادة في المسلمين أبداً ، ويسميه المسلمون فاسقاً ، فكيف لأحدنا عند ذلك بأربعة شهداء ، إلى أن يلتمس أحدنا أربعة شهداء فقد فرغ الرجل من حاجته ، فأنزل الله عز وجل في قوله : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } بالزنا { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ } يعني الزوج { أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [ آية : 6 ] إلى ثلاث آيات ، فابتلى الله ، عز وجل ، عاصماً بذلك في يوم الجمعة الأخرى ، فأتاه ابن عمه عويمر الأنصاري من بني العجلان بن عمرو بن عوف ، وتحته ابنة عمه أخي أبيه ، فرماها بابن عمه شريك بن السحماء ، والخليل والزوج والمرأة كلهم من بني عمرو بن عوف ، وكلهم بنو عم عاصم ، فقال : يا عاصم ، لقد رأيت شريكاً على بطن امرأتي ، فاسترجع عاصم ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت سؤالي عن هذه والذين يرمون أزواجهم ، فقد ابتليت بها في أهل بيتي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " وما ذاك يا عاصم " فقال : أتاني ابن عمي فأخبرني أنه وجد ابن عم لنا على بطن امرأته ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الزوج والخليل والمرأة ، فأتوه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزوجها عويمر : " ويحك اتق الله ، عز وجل ، في خليلتك وابنة عمك أن تقذفها بالزنا " . فقال الزوج : أقسم لك بالله ، عز وجل ، إني رأيته معها على بطنها ، وإنها لحبلى منه ، وما قربتها منذ أربعة أشهر . فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة - خولة بنت قيس الأنصارية - : " ويحك ما يقول زوجك " ، قالت : أحلف بالله إنه لكاذب ، ولكنه غار ، ولقد رآني معه نطيل السمر بالليل ، والجلوس بالنهار ، فما رأيت ذلك في وجهه ، وما نهاني عنه قط ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للخليل : " ويحك ما يقول ابن عمك " ، فحدثه مثل قولها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للزوج والمرأة : " قوما فأحلفا بالله ، عز وجل " ، فقام الزوج عند المنبر دبر صلاة العصر يوم الجمعة ، وهو عويمر بن أمية ، فقال أشهد بالله أن فلانة زانية ، يعني امرأته خولة ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال الثانية : أشهد بالله أن فلانة زانية ، ولقد رأيت شريكاً على بطنها ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال الثالث : أشهد بالله أن فلانة زانية ، وإنها لحبلى من غيري ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الرابعة : أشهد بالله أن فلانة زانية ، وما قربتها منذ أربعة أشهر ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال الخامسة : لعنة الله على عويمر ، إن كان من الكاذبين عليها في قوله . { وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } [ آية : 7 ] . ثم قامت خولة بنت قيس الأنصاري مقام زوجها ، فقالت : أشهد بالله ما أنا بزانية وإن زوجي لمن الكاذبين ، ثم قالت الثانية : أشهد بالله ما أنا بزانية ، وما رأى شريكاً على بطني ، وإن زوجي لمن الكاذبين ، ثم قالت الثالثة : أشهد بالله ما أنا بزانية ، وإني لحبلي منه وإنه لمن الكاذبين ، ثم قالت الرابعة : أشهد بالله ما أنا بزانية ، وما رأى علي من ريبة ولا فاحشة ، وإن زوجي لمن الكاذبين ، ثم قالت الخامسة : غضب الله على خولة إن كان عويمراً من الصادقين في قوله . ففرق النبي بينهما "