Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 15-26)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَقَدْ آتَيْنَا } يعنى أعطينا { دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً } بالقضاء ، وبكلام الطير ، وبكلام الدواب ، { وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ آية : 15 ] يعنى بالقضاء ، والنبوة ، والكتاب ، وكلام البهائم ، والملك الذى أعطاهما الله عز وجل ، وكان سليمان أعظم ملكاً من داود ، وأفظن منه ، وكان داود أكثر تعبداً من سليمان . { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } يعنى ورث سليمان علم داود وملكه ، { وَقَالَ } سليمان لبنى إسرائيل : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ } يعنى أعطينا الملك والنبوة والكتاب والرياح ، وسخرت لنا الشياطين ، ومنطق الدواب ، ومحاريب ، وتماثيل ، وجفان كالجوابى ، وقدور راسيات وعين القطر ، يعنى عين الصفر . { إِنَّ هَـٰذَا } الذى أعطينا { لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ } [ آية : 16 ] يعنى البين ، { وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ } يعنى وجمع لسليمان { جُنُودُهُ مِنَ ٱلْجِنِّ } طائفة { وَ } من { وَٱلإِنْس وَ } من { وَٱلطَّيْرِ } طائفة { فَهُمْ يُوزَعُونَ } [ آية : 17 ] يعنى يساقون وكان سليمان استعمل جنداً يرد الأول على الآخر حتى ينام الناس . وقال عز وجل : { حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ } من أرض الشام ، { قَالَتْ نَمْلَةٌ } واسمها الجرمى { يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ } وهن خارجات ، فقالت : ادخلوا { مَسَاكِنَكُمْ } يعنى بيوتكم { لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ } يعنى لا يهلكنكم سليمان { وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [ آية : 18 ] بهلاككم ، فسمع سليمان قولها من ثلاثة أميال ، فانتهى إليها سليمان حين قالت : { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } . { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا } ضحك من ثناءها على سليمان بعدله فى ملكه ، أنه لو يشعر بكم لم يحطمكم ، يعنى بالضحك الكشر ، وقال سليمان : لقد علمت النمل أنه ملك لا بغى فيه ، ولا فخر ، ولئن علم بنا قبل أن يغشانا لم نوطأ ، ثم وقف سليمان بمن معه من الجنود ليدخل النمل مساكنهم ، ثم حمد ربه عز وجل حين علمه منطق كل شيء فسمع كلام النملة { وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ } يعنى ألهمنى { أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ } من قبلى ، يعنى أبويه داود ، وأمه بتشايع بنت الياثن ، { وَ } ألهمنى { وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ } يعنى بنعمتك { فِى } يعنى مع { عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ } [ آية : 19 ] الجنة . { وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ } يعنى الهدهد حين سار من بيت المقدس قبل اليمن ، فلما مر بالمدينة وقف ، فقال إن الله عز وجل : سيبعث من ها هنا نبياً طوبى لمن تبعه ، فلما أراد أن ينزل { فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ } والميم هاهنا صلة ، كقوله تعالى : { أَمْ عِنْدَهُمْ } يعنى أعندهم { ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ } [ الطور : 41 ، والقلم : 47 ] أم { كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ } [ آية : 20 ] . { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً } يعنى لأنتفن ريشه ، فلا يطير مع الطير حولاً { أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ } يعنى لأقتلنه ، { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } [ آية : 21 ] يعنى حجة بينة أعذره بها ، { فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ } يقول : لم يلبث إلا قليلاً ، حتى جاء الهدهد ، فوقع بين يدى سليمان ، عليه السلام ، فجعل ينكث بمنقاره ويومئ برأسه إلى سليمان ، { فَقَالَ } لسليمان : { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } يقول : علمت ما لم تعلم به { وَجِئْتُكَ } بأمر لم تخبرك به الجن ، ولم تنصحك فيه ، ولم يعمل به الإنس ، وبلغت ما لم تبلغه أنت ولا جنودك ، وجئتك { مِن } أرض { سَبَإٍ } باليمن { بِنَبَإٍ يَقِينٍ } [ آية : 22 ] يقول : بحديث لا شك فيه ، فقال سليمان : وما ذلك ؟ قال الهدهد : { إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ } يعنى تملك أهل سبأ { وَأُوتِيَتْ } يعنى وأعطيت { مِن كُلِّ شَيْءٍ } يكون باليمن ، يعنى العلم والمال والجنود والسلطان والزينة وأنواع الخير ، فهذا كله من كلام الهدهد ، وقال الهدهد : { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } [ آية : 23 ] يعنى ضخم ثمانون ذراعاً فى ثمانين ذراعاً ، وارتفاع السرير من الأرض أيضاً ثمانون ذراعاً فى ثمانين ذراعاً ، مكلل بالجواهر ، والمرأة اسمها بلقيس بنت أبى سرح ، وهى من الإنس وأمها من الجن ، اسمها فازمة بنت الصخر . ثم قال : { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } السيئة ، يعنى سجودهم للشمس { فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } يعنى عن الهدى { فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ } [ آية : 24 ] . ثم قال الهدهد : { أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ } يعنى الغيث { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ } فى قلوبكم { وَمَا تُعْلِنُونَ } [ آية : 25 ] بألسنتكم { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } [ آية : 26 ] يعنى بالعظيم العرش .