Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 27-37)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ } سليمان للهدهد : دلنا على الماء { سَنَنظُرُ } فيما تقول ، { أَصَدَقْتَ } فى قولك { أَمْ كُنتَ } يعنى أم أنت { مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } [ آية : 27 ] مثل قوله عز وجل : { كنتم خير أمة أخرجت للناس } [ آل عمران : 110 ] . وكان الهدهد يدلهم على قرب الماء من الأرض إذا نزلوا ، فدلهم على ماء ، فنزلوا واحتفروا الر كايا ، وروى الناس والدواب ، وكانوا قد عطشوا ، فدعا سليمان الهدهد ، وقال : { ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ } يعنى إلى أهل سبأ { ثُمَّ تَوَلَّ } يقول : ثم انصرف { عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } [ آية : 28 ] الجواب ، فحمل الهدهد الكتاب بمنقاره ، فطار حتى وقف على رأس المرأة ، فرفرف ساعة والناس ينظرون ، فرفعت المرأة رأسها ، فألقى الهدهد الكتاب فى حجرها ، فلما رأت الكتاب ورأت الخاتم رعدت وخضعت ، وخضع من معها من الجنود ، لأن ملك سليمان ، عليه السلام ، كان فى خاتمه فعرفوا أن الذى أرسل هذا الطير أعظم ملكاً من ملكها ، فقالت : إن ملكاً رسله الطير ، إن ذلك الملك عظيم ، فقرأت هى الكتاب ، وكانت عربية من قوم تبع بن أبى شراحيل الحميرى ، وقومها من قوم تبع ، وهم عرب ، فأخبرتهم بما فى الكتاب ، ولم يكن فيه شىء غير : " إنه من سليمان ، وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا على " ألا تعظموا على " وأتونى مسلمين " . قال أبو صالح : ويقال : مختوم . فـ { قَالَتْ } المرأة لهم : { يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ } يعنى الأشراف ، { إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } [ آية : 29 ] يعنى كتاب حسن { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } [ آية : 30 ] { أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } [ آية : 31 ] ، ثم قالت : إن يكن هذا الملك يقاتل على الدنيا ، فإنا نمده بما أراد من الدنيا ، وإن يكن يقاتل لربه ، فإنه لا يطلب الدنيا ، ولا يريدها ، ولا يقبل منا شيئاً غير الإسلام . ثم استشارتهم فـ { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ } يعنى الأشراف ، وهم : ثلاث مائة ، وثلاثة عشر قائداً ، مع كل مائة ألف ، وهم أهل مشورتها ، فقالت لهم : { أَفْتُونِي فِيۤ أَمْرِي } من هذا { مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ } [ آية : 32 ] تقول : ما كنت قاضية أمراً حتى تحضرون . { قَالُواْ } لها : { نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ } يعنى عدة كثيرة فى الرجال كقوله : { فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ } [ الكهف : 95 ] ، يعنى بالرجال { وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ } فى الحرب ، يعنى الشجاعة { وَٱلأَمْرُ إِلَيْكِ } يقول : قد أخبرناك بما عندنا وما نجاوز ما تقولين ، { فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } [ آية : 33 ] يعنى ماذا تشيرين علينا ، كقول فرعون لقومه : { فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } [ الشعراء : 35 ] يعنى ماذا تشيرون علىّ . { قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا } يعنى أهلكوها ، كقوله عز وجل : { لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ } يعنى لهلكتها ومن فيهن ، ثم قال : { وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً } يعنى أهانوا أشرافها وكبراءها لكى يستقيم لهم الأمر ، يقول الله عز وجل ، { وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ } [ آية : 34 ] كما قالت . ثم قالت المرأة لأهل مشورتها : { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } أصانعهم على ملكى إن كانوا أهل دنيا ، { فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ } [ آية : 35 ] من عنده بالجواب ، فأرسلت بالهدية مع الوفد عليهم المنذر بن عمر ، والهدية مائة وصيف ، ومائة وصيفة ، وجعلت للجارية قصة أمامها ، وقصة مؤخرها ، وجعلت للغلام قصة أمامه ، وذؤابة وسط رأسه ، والبستهم لباساً واحداً ، وبعثت بحقة فيها جوهرتان إحداهما مثقوبة والأخرى غير مثقوبة . وقالت للوفد : إن كان نبياً ، فسيميز بين الجوارى والغلمان ويخبر بما فى الحقة ، ويرد الهدية فلا يقبلها ، وإن كان ملكاً فسيقبل الهدية ولا يعلم ما فى الحقة ، فلما انتهت الهدية إلى سليمان ، عليه السلام ، ميز بين الوصفاء والوصائف من قبل الوضوء ، وذلك أنه أمرهم بالوضوء فكانت الجارية تصب الماء على بطن ساعدها ، والغلام على ظهر ساعده ، فميز بين الوصفاء والوصائف وحرك الحقة ، وجاء جبريل ، عليه السلام ، فأخبره بما فيها فقيل له : ادخل فى المثقوبة خيطاً من غير حيلة إنس ولا جان ، وأثقب الأخرى من غير حيلة إنس ولا جان ، وكانت الجوهرة المثقوبة معوجة ، فأتته دودة تكون فى الفضفضة وهي الرطبة ، فربط فى مؤخرها خيطاً ، فدخلت الجوهرة حتى أنفذت الخيط إلى الجانب الآخر ، فجعل رزقها فى الفضة ، وجاءت الأرضة فقالت لسليمان : اجعل رزقى فى الخشب والسقوف والبيوت ، قال : نعم ، فثقبت الجوهرة فهذه حيلة من غير إنس ولا جان . وسألوه ماء لم ينزل من السماء ولم يخرج من الأرض ، فأمر بالخيل فأجريت حتى عرقت فجمع العرق فى شىء حتى صفا وجعله فى قداح الزجاج ، فعجب الوفد من علمه ، وجاء جبريل ، عليه السلام فأخبره بما في الحقة فأخبرهم سليمان بما فيها ، ثم رد سليمان الهدية . { فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ قَالَ } للوفد : { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِي ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ } يقول : فما أعطانى الله تعالى من الإسلام والنبوة والجنود خير مما أعطاكم { بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } [ آية : 36 ] يعنى إذا أهدى بعضكم إلى بعض ، فأما أنا فلا أفرح بها إنما أريد منكم الإسلام . ثم قال سليمان لأمير الوفد ، { ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ } بالهدية { فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا } لا طاقة لهم بها من الجن والإنس ، { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ } [ آية : 37 ] يعنى مذلين بالإنس والجن .