Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 20-28)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَجَآءَ رَجُلٌ } فجاء حزقيل بن صابوث القبطي ، وهو المؤمن { مِّنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ } يعني أقصى القرية { يَسْعَىٰ } على رجليه ، فـ { قَالَ يٰمُوسَىٰ إِنَّ ٱلْمَلأَ } من أهل مصر { يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ } بقتلك القبطي ، { فَٱخْرُجْ } من القرية { إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } [ آية : 20 ] . { فَخَرَجَ } موسى ، عليه السلام ، { مِنْهَا } من القرية { خَآئِفاً } أن يقتل { يَتَرَقَّبُ } يعني ينتظر الطلب ، وهو هارب منهم { قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [ آية : 21 ] يعني المشركين ، أهل مصر ، فاستجاب الله عز وجل له ، فأتاه جبريل ، عليه السلام ، فأمره أن يسير تلقاء مدين ، وأعطاه العصا ، فسار من مصر إلى مدين في عشرة أيام بغير دليل . فذلك قوله عز وجل : { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ } بغير دليل خشى أن يضل الطريق { قَالَ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } [ آية : 22 ] يعني يرشدني قصد الطريق إلى مدين فبلغ مدين . فذلك قوله تعالى : { وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ } ابن إبراهيم خليل الرحمن لصلبه ، عليهم السلام ، وكان الماء لمدين فنسب إليه ، ثم قال : { وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً } يقول : وجد موسى على الماء جماعة { مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ } أغنامهم ، { وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ } يعني حابستين الغنم لتسقي فضل ماء الرعاء ، وهما ابنتا شعيب النبي صلى الله عليه وسلم ، واسم الكبرى صبورا ، واسم الصغرى عبرا ، وكانتا توأمتين ، فولدت الأولى قبل الأخرى بنصف نهار ، { قَالَ } لهما موسى : { مَا خَطْبُكُمَا } يعني ما أمركما ، { قَالَتَا لاَ نَسْقِي } الغنم { حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ } بالغنم راجعة من الماء إلى الرعي ، فنسقي فضلتهم { وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } [ آية : 23 ] لا يستطيع أن يسقي الغنم من الكبر ، فقال لهما موسى ، عليه السلام : أين الماء ؟ فانطلقا به إلى الماء ، فإذا الحجر على رأس البئر لا يزيله إلا عصابة من الناس ، فرفعه موسى ، عليه السلام ، وحده بيده ، ثم أخذ الدلو ، فأدلى دلواً واحداً ، فأفرغه في الحوض ، ثم دعا بالبركة . { فَسَقَىٰ لَهُمَا } الغنم ، فرويت { ثُمَّ تَوَلَّىٰ } يعني انصرف { إِلَى ٱلظِّلِّ } ظل شجرة ، فجلس تحتها من شدة الحر وهو جائع ، { فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } [ آية : 24 ] يعني إلى الطعام ، فرجعت الكبيرة إلى موسى لتدعوه . فذلك قوله عز وجل : { فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا } يعني الكبرى { تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ } يعني على حياء ، وهي التي تزوجها موسى ، عليه السلام ، فـ { قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } وبين موسى وبين أبيها ثلاثة أميال ، فولا الجوع الذي أصابه ما اتبعها ، فقام يمشي معها ، ثم أمرها أن تمشي خلفه وتدله بصوتها على الطريق كراهية أن ينظر إليها ، وهما على غير جادة ، يقول : { فَلَمَّا جَآءَهُ } : فلما أتى موسى شعيباً ، عليهما السلام ، { وَقَصَّ عَلَيْهِ } يعني على شعيب { ٱلْقَصَصَ } الذي كان من أمره أجمع ، أمر القوابل اللائي قتلن أولاد بني إسرائيل ، وحين ولد وحين قذف في التابوت في اليم ، ثم المراضع بعد التابوت ، حتى أخبره بقتل الرجل من القبط ، { قَالَ } له شعيب : { لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [ آية : 25 ] يعني المشركين . { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا } وهي الكبرى { يٰأَبَتِ ٱسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَأْجَرْتَ } يقول : إن الذي استأجرت هو { ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ } [ آية : 26 ] قال شعيب لابنته : من أين علمت قوته ؟ وأمانته ؟ قالت : أزال الحجر وحده عن رأس البئر ، وكان لا يطيقه إلا رجال ، وذكرت أنه أمرها أن تمشي خلفه كراهية أن ينظر إليها . فـ { قَالَ } شعيب لموسى ، عليهما السلام : { إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ } يعني أن أزواجك إحد ابنتي { هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي } نفسك { ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً } يعني عشر سنين ، { فَمِنْ عِندِكَ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ } في العشر { سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ } [ آية : 27 ] يعني من الرافقين بك ، كقول موسى لأخيه هارون : { ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ } [ الأعراف : 142 ] يعني وارفق بهم ، في سورة الأعراف . { قَالَ } موسى : { ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ } ثماني سنين ، أو عشر سنين ، { فَلاَ عُدْوَانَ } يعني فلا سبيل { عَلَيَّ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } [ آية : 28 ] يعني شهيد فيما بيننا ، كقوله عز وجل : { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } [ النساء : 81 ] ، يعني شهيداً ، فأتم موسى ، عليه السلام ، عشر سنين على أن يزوج ابنته الكبرى اسمها صبورا بنت شعيب بن نويب بن مدين بن إبراهيم .