Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 7-13)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ } واسمها يوكابد من ولد لاوى بن يعقوب { أَنْ أَرْضِعِيهِ } فأمرها جبريل ، عليه السلام ، بذلك { فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ } القتل وكانت أرضعته ثلاثة أشهر ، وكان خوفها أنه كان يبكي من قلة اللبن ، فيسمع الجيران بكاء الصبي ، فقال : { فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ } يعني في البحر ، وهو بحر النيل ، فقالت : رب ، إني قد علمت أنك قادر على ما تشاء ، ولكن كيف لي أن ينجو صبي صغير من عمق البحر ، وبطون الحيتان ، فأوحى الله عز وجل إليها أن تجعله في التابوت ، ثم تقذفه في اليم ، فإني أوكل به ملك يحفظه في اليم ، فصنع لها التابوت حزقيل القبطي ، ووضعت موسى في التابوت ، ثم ألقته في البحر يقول الله عز وجل : { وَلاَ تَخَافِي } عليه الضيعة { وَلاَ تَحْزَنِيۤ } عليه القتل { إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ آية : 7 ] إلى مصر فصدقت ، بذلك ففعل الله عز وجل ذلك ، به وبارك الله تعالى على موسى ، عليه السلام ، وهو في بطن أمه ثلاث مائة وستين بركة . { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ } من البحر من بين الماء والشجر ، وهو في التابوت ، فمن ثم سمي موسى ، بلغة القبط الماء : مو ، والشجر : سى ، فسموه موسى ، ثم قال تعالى { لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً } في الهلاك { وَحَزَناً } يعني وغيظاً في قتل الأبكار ، فذلك قوله عز وجل : { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } [ الشعراء : 55 ] لقتلهم أبكارنا ، ثم قال سبحانه : { إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ } [ آية : 8 ] . { وَقَالَتِ ٱمْرَأَتُ فِرْعَوْنَ } واسمها آسية بنت مزاحم ، عليها السلام : { قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ } فإنا أتينا به من أرض أخرى ، وليس من بني إسرائيل ، { عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا } فنصيب منه خيراً { أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً } يقول الله عز وجل : { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [ آية : 9 ] أن هلاكهم في سببه . { وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ } وذلك أنها رأت التابوت يرفعه موج ويضعه آخر ، فخشيت عليه الغرق ، فكادت تصيح شفقة عليه ، فذلك قوله عز وجل : { إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ } يقول : إن همت لتشعر أهل مصر بموسى ، عليه السلام ، أنه ولدها { لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا } بالإيمان { لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ آية : 10 ] يعني من المصدقين بتوحيد الله عز وجل ، حين قال لها : { إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } . { وَقَالَتْ } أم موسى { لأُخْتِهِ } يعني أخت موسى لأبيه وأمه ، واسمها مريم : { قُصِّيهِ } يعني قصي أثره في البحر ، وهو في التابوت يجري في الماء ، حتى تعلمي علمه من يأخذه { فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ } يعني كأنها مجانبة له بعيداً من أن ترقبه كقوله تعالى : { وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ } [ النساء : 36 ] يعني بعيداً منهم من قوم آخرين ، وعينها إلى التابوت معرضة بوجهها عنه إلى غيره ، { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [ آية : 11 ] أنها ترقبه . { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ } أن يصير إلى أمه ، وذلك أنه لم يقبل ثدي امرأة { فَقَالَتْ } أخته مريم : { هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ } يعني يضمنون لكم رضاعه ، { وَهُمْ لَهُ } للولد { نَاصِحُونَ } [ آية : 12 ] هن أشفق عليه وأنصح له من غيره ، فأرسل إليها فجاءت ، فلما وجد الصبى ريح أمه قبل ثديها . فذلك قوله عز وجل : { فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } لقوله : { إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } ثم قال تعالى : { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ } يعني أهل مصر { لاَ يَعْلَمُونَ } [ آية : 13 ] بأن وعد الله عز وجل حق .