Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 84-88)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ } يعني بكلمة الإخلاص ، وهى لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، { فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } في التقديم ، يقول : فله منها خير ، { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ } يعني الشرك يقول : من جاء في الآخرة بالشرك ، { فَلاَ يُجْزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ } يعني الذين عملوا الشرك { إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ آية : 84 ] من الشرك ، فإن جزاء الشرك النار ، فلا ذنب أعظم من الشرك ، ولا عذاب أعظم من النار . حدثنا محمد ، قال : حدثنا أبو القاسم ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن علقمة بن مرثد ، قال : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، هذه الآية : { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ } { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ } فقال : " هذه تنجي وهذه تردي " وقال مقاتل : إنه بلغه عن كعب بن عجرة ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ } فهي لا إله إلا الله ، { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ } فهي الشرك ، فهذه تنجي ، وهذه تردي ، قوله عز وجل : { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ } وذلك " أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الغار ليلاً ، ثم هاجر من وجهه ذلك إلى المدينة ، فسار في غير الطريق مخافة الطلب ، فلما أمن رجع إلى الطريق ، فنزل بالجحفة بين مكة والمدينة ، وعرف الطريق إلى مكة ، فاشتاق إليها ، وذكر مولده ومولد أبيه ، فأتاه جبريل ، عليه السلام ، فقال : " أتشتاق إلى بلدك ومولدك ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم ، فقال جبريل : إن الله عز وجل يقول : { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } " ، يعني إلى مكة ظاهراً عليهم ، فنزلت هذه الآية بالجحفة ليست بمكية ، ولا مدنية { قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ } وذلك أن كفار مكة كذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : إنك في ضلال ، فأنزل الله تبارك وتعالى في قولهم : { قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ } فأنا الذي جئت بالهدى من عند الله عز وجل ، { وَ } هو أعلم { وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ آية : 85 ] يقول : أنحن أم أنتم . { وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ } يا محمد { أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابُ } يعني أن ينزل عليك القرآن يذكر النعم ، وقال : ما كان الكتاب { إِلاَّ رَحْمَةً } يعني عز وجل نعمة { مِّن رَّبِّكَ } اختصصت بها يا محمد ، وذلك حين دعي إلى دين آبائه ، فأوحى الله عز وجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فقال : { فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً } يعني معيناً { لِّلْكَافِرِينَ } [ آية : 86 ] على دينهم . { وَلاَ يَصُدُّنَّكَ } كفار مكة { عَنْ آيَاتِ ٱللَّهِ } يعني عن إيمان بالقرآن { بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَٱدْعُ } الناس { إِلَىٰ } معرفة { رَبِّكَ } عز وجل ، وهو التوحيد ، ثم أوعز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحذره ، فقال سبحانه : { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ آية : 87 ] وذلك حين دعي إلى دين آبائه . فحذره الله عز وجل أن يتبع دينهم ، فقال سبحانه : { وَلاَ تَدْعُ } يقول : ولا تعبد { مَعَ ٱللَّهِ } تعالى { إِلَـٰهاً آخَرَ } فإنه واحد ليس معه شريك ، ثم وحد نفسه جل جلاله ، فقال : { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } يقول سبحانه : كل شيء من الحيوان ميت ، ثم استثنى نفسه جل جلاله بأنه تعالى حي دائم لا يموت ، فقال جل جلاله : { إِلاَّ وَجْهَهُ } يعني إلا هو { لَهُ ٱلْحُكْمُ } يعني القضاء { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [ آية : 88 ] أحياء في الآخرة ، فيجزيكم عز وجل بأعمالكم .