Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 35-37)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ } وذلك أن أم سلمة بنت أبى أمية أم المؤمنين ، ونسيبة بنت كعب الأنصارى ، قلن ما شأن ربنا يذكر بنت أبى أمية ولا يذكر النساء فى شيء من كتابه نخشى أن لا يكون فيهن خير ، ولا لله فيهن حاجة ، وقد تخلى عنهن . فأنزل الله من تعالى فى قول أم سلمة ، ونسيبة بنت كعب { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } يعنى المصدقين بالتوحيد والمصدقات { وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ } يعنى المطيعين والمطيعات { وَٱلصَّادِقِينَ } فى أيمانهم { وَٱلصَّادِقَاتِ } فى إيمانهن { وَٱلصَّابِرِينَ } على أمر الله عز وجل { وَٱلصَّابِرَاتِ } عليه { وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ } يعنى المتواضعين والمتواضعات ، قال مقاتل : من لا يعرف فى الصلاة من عن يمينه ومن عن يساره من الخشوع لله عز وجل ، فهو منهم . { وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ } بالمال { وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ } به { وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ } قال مقاتل : من صام شهر رمضان وثلاثة أيام من كل شهر ، فهو من الصائمين ، فهو من أهل هذه الآية ، { وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ } عن الفواحش { وَٱلْحَافِـظَاتِ } من الفواحش { وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً } باللسان والذاكرات الله كثيراً باللسان { وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم } في الآخرة { مَّغْفِرَةً } لذنوبهم { وَأَجْراً } يعنى وجزاء { عَظِيماً } [ آية : 35 ] يعنى الجنة وأنزل الله عز وجل أيضاً فى أم سلمة ، رضى الله عنها ، فى آخر آل عمران : { أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ } [ آل عمران : 195 ] وفى حم المؤمن : { مَنْ عَمِـلَ صَالِحاً مِّن ذَكَـرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ } يعنى عبدالله بن جحش بن رباب بن صبرة بن مرة بن غنم بن دودان الأسدى ، ثم قال : { وَلاَ مُؤْمِنَةٍ } يعنى زينب بنت جحش أخت عبدالله بن جحش ، وذلك " أن النبى صلى الله عليه سلم خطب زينب بنت جحش على زيد بن حارثة ، وزينب هى بنت عمة النبى صلى الله عليه وسلم ، وهى بنت أميمة بنت عبدالمطلب ، فكره عبدالله أن يزوجها من زيد ، وكان زيد أعرابياً فى الجاهلية مولى فى الإسلام ، وكان أصابه النبى صلى الله عليه وسلم من سبى أهل الجاهلية ، فأعتقه وتبناه ، فقالت زينت : لا أرضاه لنفسى ، وأنا أتم نساء قريش ، وكانت جميلة بيضاء ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " قد رضيته لك " ، فأنزل الله عز وجل : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ } يعنى عبدالله بن جحش ، { وَلاَ مُؤْمِنَةٍ } يعنى زينب { إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } وذلك أن زيد بن حارثة الكلبى ، قال : يا نبى الله ، أخطب علىّ ، فقال النبيّ صلى لله عليه وسلم : " ومن يعجبك من النساء " ؟ فقال : زينب بنت جحش ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " لقد أصبت أن لا نألو غير الحسن والجمال ، وما أذادها بفعل أنها أكرم من ذلك نفساً " . فقال زيد : يا نبى الله ، إنك إذا كلمتها ، وتقول : إن زيداً أكرم الناس علىّ ، فإن هذه امرأة حسناء ، وأخشى أن تردنى ، فذلك أعظم في نفسى من كل شىء ، وعمد زيد إلى علىّ ، رضى الله عنه ، فحمله على أن يكلم النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال له زيد : انطلق إلى النبى ، فإنه لن يعصيك ، فانطلق علىّ معه إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، فإنى فاعل ، وإنى مرسلك يا علىّ على أهلها ، فتكلمهم ، فرجع على النبى صلى الله عليه وسلم إنى قد رضيته لكم ، وأقضى أن تنكحوه ، فأنكحوه . وساق إليهم عشرة دنانير وستين درهما وخماراً وملحفة ودرعاً وإزارا ، وخمسين مداً من طعام وعشرة أمداد من تمر أعطاه النبى صلى الله عليه وسلم ذلك كله ، ودخل بها زيد ، فلم يلبث إلا يسيراً حتى شكا إلى النبى صلى الله عليه وسلم ما يلقى منها ، فدخل النبى صلى الله عليه وسلم فوعظها ، فلما كلمها أعجبه حسنها وجمالها وظرفها ، وكان أمراً قضاه الله عز وجل ، ثم رجع النبى صلى الله عليه وسلم وفى نفسه منها ما شاء الله عز وجل ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل زيداً بعد ذلك كيف هى معك ؟ فيشكوها إليه ، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم " اتق الله وأمسك عليك زوجك " ، وفى قلبه غير ذلك ، فأنزل الله عز وجل { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً } [ آية : 36 ] يعنى بينا ، فلما نزلت هذه الآية جعل عبدالله بن جحش أمرها إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، وقالت زينب للنبى صلى الله عيله وسلم : قد جعلت أمرى بيدك يا رسول الله ، فأنكها النبى صلى الله عليه وسلم زيداً ، فمكثت عنده حيناً ، ثم إن النبى صلى الله عليه وسلم أتى زيداً فأبصر زينت قائمة ، وكانت حسناء بيضاء من أتم نساء قريش ، فهويها النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال : " سبحان الله مقلب القلوب " ، ففطن زيد ، فقال : يا رسول الله ، ائذن لى فى طلاقها ، فإن فيها كبراً ، تعظم علىّ وتؤذينى بلسانها ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم " أمسك عليك زوجك واتق الله " ، ثم إن زيداً طلقها بعد ذلك . فأنزل الله عز وجل : { وَإِذْ تَقُولُ } يا محمد { لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } بالإسلام { وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } بالعتق وكان زيد أعرابياً فى الجاهلية مولى فى الإسلام ، فسبى فأصابه النبى صلى الله عليه وسلم فأعتقه { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِي فِي نِفْسِكَ } يعنى وتسر فى قلبك يا محمد ليت أنه طلقها { مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ } يعنى مظهره عليك حين ينزل به قرآناً { وَتَخْشَى } قاله { ٱلنَّاسَ } فى أمر زينب { وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } فى أمرها ، فقرأ النبى صلى الله عليه وسلم هذه الآية على الناس ، بما أظهر الله عليه من أمر زينب إذ هويها ، فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : لزكتم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن لكتم هذه التى ظهرت عليه ، يقول الله تعالى : { فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً } يعنى حاجة وهى الجماع { زَوَّجْنَاكَهَا } يعنى النبى صلى الله عليه وسلم ، فطلقها زيداً بن حارثة ، فلما انقضت عدتها تزوجها النبى صلى الله عليه وسلم ، وكانت زينب رضى الله عنها ، تفخر على نساء النبى صلى الله عليه وسلم ، فتقول : زوجكن الرجال ، والله عز وجل زوجنى نبيه صلى الله عليه وسلم . ثم قال عز وجل : { لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ } تزويج نساء { أَدْعِيَآئِهِمْ } يقول : لكيلا يكون على الرجل حرج فى أن يتزوج أمرأة ابنه الذى تبناه ، وليس من صلبه { إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً } يعنى حاجة ، وهو الجماع { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } [ آية : 37 ] يقول الله عز وجل : كان تزويج النبى صلى الله عليه وسلم زينب كائناً ، فلما تزوجها النبى صلى الله عليه سلم ، قال أنس : إن محمداً تزوج امرأة ابنه ، وهو ينهانا عن تزويجهن .