Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 9-15)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } فى الدفع عنكم وذلك أن أبا سفيان بن حرب ، ومن معه من المشركين يوم الخندق تحزبوا فى ثلاثة أمكنة على النبى اصلى الله عليه وسلم وأصحابه يقاتلونهم من كل وجه فبعث الله عز وجل عليهم بالليل ريحاً باردة ، وبعث الله الملائكة فقطعت الريح ألأوتاد ، وأطفأت النيران ، وجالت الخيل بعضها في بعض ، وكبرت الملائكة في ناحية عسكرهم , فانهزم المشركون من غير قتال , فأنزل الله عز وجل يذكرهم ، فقال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } فى الدفع عنكم { إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ } من المشركين يعنى أبا سفيان بن حرب ومن اتبعه { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً } شديدة { وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا } من الملائكة ألف ملك فيهم جبريل عليه السلام { وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً } [ آية : 9 ] . ثم أخبر عن حالهم ، فقال سبحانه : { إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ } من فوق الوادى من قبل المشرق عليهم مالك بن عوف البصرى ، وعيينة بن حصن الفزارى فى ألف من غطفان معهم طليحة بن خويلد الأسدى ، وحيى بن أخطب اليهودى فى اليهود يهود قريظة ، وعامر بن الطفيل فى هوزان ، ثم قال جل ثناؤه : { وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ } يعنى من بطن الوادى من قبل المغرب ، وهو أبو سفيان بن حرب على أهل مكة معه يزيد بن خليس على قريش والأعور السلمى من قبل الخندق ، فذلك قوله عز وجل : { وَإِذْ زَاغَتِ ٱلأَبْصَارُ } يعنى شخصت الأبصار فرقاً { وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ } [ آية : 10 ] يعنى الإياس من النصر ، إخلاف الأمر . يقول : جل ثناؤه : { هُنَالِكَ } يعنى عند ذلك { ٱبْتُلِيَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } بالقتال والحصر { وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً } [ آية : 11 ] لما رأى الله عز وجل ما فيه المؤمنون من الجهد والضعف بعث لهم ريحاً وجنوداً من الملائكة ، فأطفأت الريح نيرانهم ، وألقت أبنيتهم ، وأكفأت قدورهم ونزعت أوتادهم ، ونسفت التراب فى وجوههم ، وجالت الدواب بعضها فى بعض ، وسمعوا تكبير الملائكة فى نواحى عسكرهم فرعبوا ، فقال طليحة بن خويلد الأسدى : إن محمداً قد بدأكم بالشر ، فالنجاة النجاة ، فنادى رئيس كل قوم بالرحيل ، فانهزموا ليلاً بما استخفوا من أمتعتهم ، ورفضوا بعضها لا يبصرون شيئاً من شدة الريح والظلمة ، فانهزموا فذلك قوله عز وجل : { وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ } بالريح والملائكة { وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً } [ الأحزاب : 25 ] يعنى منيعاً فى ملكه حين هزمهم . { وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ } منهم أوس بن قيظى ، ومتعب بن قشير الأنصارى { وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } يعنى الشك { مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً } [ آية : 12 ] وذلك " النبى صلى الله عليه وسلم لما بلغه إقبال المشركين من مكة أمر فحفر كل بنى أب على حدة ، وصار سلمان الفارسى فى بنى هاشم ، فأتى سلمان على صخرة ، فلم يستطع قلعها ، فأخذ النبى صلى الله عليه وسلم المعول من سلمان ، فضرب به ثلاث ضربات ، فانصدع الحجر وسطع نور من الحجر كأنه البرق ، فقال سلمان : يارسول الله ، لقد رأيت من الحجر أمراً عجيباً وأنت تضربه ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " وهل رأيت " ؟ قال نعم قال النبى صلى الله عليه وسلم : " رأيت الضربة الأولى قوى اليمن ، وفى الضربة الثانية أبيض المدائن ، وفى الضربة الثالثة مدائن الروم ، ولقد أوحى الله عز وجل إلىّ بأنه يفتحهن على أمتى " " . فاستبشر المؤمنون ، وفشا ذلك فى المسلمين ، فلما رأوا شدة القتال ، والحصر ارتاب المنافقون ، فأساءوا القول . قال معتب بن قشير بن عدى الأنصارى من الأوس من بنى عمرو بن عوف : يعدنا محمد فتح قصور اليمن ، وفارس ، والروم ، ولا يستيطع أحدنا أن يبرز إلى الجلاء حتى يوضع فيه سهم هذا ، والله الغرور من قول ابن عبدالمطلب ، وتابعه على ذلك نفر ، فأنزل الله تعالى : { وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } يعنى كفراً { مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً } . قا معتب بن قشير : إن الذى يقول لهو الغرور ، ولم يقل إن الذى وعدنا الله ورسوله غروراً ، لأنه لا يصدق بأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول ، فيصدقه ، فقال الله تعالى إن الذى قال محمد هو ما وعد الله ، وهو قول الله عز وجل ، فأكذب الله معتباً . { وَإِذْ قَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ } من المنافقين من بني سالم { يٰأَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ } لا مساكن لكم { فَٱرْجِعُواْ } إلى المدينة خوفاً ورعباً من الجهد والقتال فى الخندق ، يقول ذلك المنافقون بعضهم لبعض ، ثم قال : { وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ } يعنى خالية طائعة هذا قول بنى حارثة بن الحارث ، وبنى سلمة بن جشم ، وهما من الأنصار وذلك أن بيوتهم كانت فى ناحية من المدينة ، فقالوا : بيوتنا ضائعة نخشى عليها السراق ، يقول الله تعالى : { وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ } يعنى بضائعه { إِن } يعنى ما { يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً } [ آية : 13 ] من القتل نزلت فى قبيلتين من الأنصار بنى حارثة وبنى سلمة بن جشم وهموا أن يتركوا أماكنهم فى الخندق ففيهم يقول الله تعالى : { إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ آل عمران : 122 ] قالوا بعدما نزلت هذه الآية ما يسرنا أنا لم نهم بالذى هممنا إذ كان الله ولينا . قوله تعالى : { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا } يقول ولو دخلت عليهم المدينة من نواحيها يعنى نواحى المدينة { ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلْفِتْنَةَ } يعنى الشرك { لآتَوْهَا } يعنى لأعطوها عفواً يقول : لوأن الأحزاب دخلوا المدينة ، ثم أمروهم بالشرك لأشركوا { وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً } [ آية : 14 ] يقول : ما تحسبوا بالشرك إلا قليلاً حتى يعطوا طائعين فيكفوا . ثم أخبر عنهم ، فقال سبحانه : { وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ } قتال الخندق وهم سبعون رجلاً ليلة العقبة قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم اشترط لربك ولنفسك ما شئت ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " " أشترط لربى أن تعبدوه ، ولا تشركوا به شيئاً ، وأشترط لنفسى أن تمنعونى مما تمنعون منه أنفسكم وأولادكم ونسائكم " ، قالوا : فما لنا إذا فعلنا يا نبى الله ، قال : لكم النصر فى الدنيا والجنة فى الآخرة " ، فقالوا : قد فعلنا ذلك ، فذلك قوله : وقد كانوا عاهدوا الله من قبل ، يعنى ليلة العقبة حين شرطوا للنبى صلى الله عليه وسلم المنعة { لاَ يُوَلُّونَ ٱلأَدْبَارَ } منهزمين وذلك أنهم بايعوا للنبى صلى الله عليه وسلم أنهم يمنعونه مما يمنعون أنفسهم وأولادهم وأموالهم يقول الله عز جل : { وَكَانَ عَهْدُ ٱللَّهِ مَسْئُولاً } [ آية : 15 ] يقول : أن الله يسأل يوم القيامة عن نقض العهد ، فإن عدو الله إبليس سمع شرط الأنصار تلك الليلة ، فصاح صيحة أيقظت الناس ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لإبليس : اخسأ عدو الله " .