Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 46-54)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ } لكفار مكة { إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ } بكلمة واحدة كلمة الإخلاص { أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ } الحق { مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ } ألا يتفكر الرجل وحده ومع صاحبه فيعلم ويتفكر في خلق السماوات والأرض وما بينهما أن الله جل وعز خلق هذه الأشياء وحده وأن محمداً لصادق وما به جنون { إِنْ هُوَ } يعني النبي صلى الله عليه وسلم { إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ } مبين ، يعني بينا { بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } [ آية : 46 ] في الآخرة . { قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ } وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل كفار مكة ألا يؤذوه حتى يبلغ عن الله عز وجل الرسالة ، فقال بعضهم لبعض : ما سألكم شططاً كفوا عنه ، فسمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يوماً يذكر اللات والعزى في القرآن ، فقالوا : ما ينتهي هذا الرجل عن عيب آلهتنا سألنا ألا نؤذيه فقد فعلنا وسألناه ألا يؤذينا في آلهتنا فلم يفعل ، فأكثروا في ذلك ، فأنزل الله عز وجل : { قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ } جعل { فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ } ما جزائي { إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٍ } [ آية : 47 ] بأني نذير وما بي من جنون . { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ } يتكلم بالوحي { عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } [ آية : 48 ] عالم كل غيب ، وإذا قال جل وعز عالم الغيب فهو غيب واحد { قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ } الإسلام { وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ } [ آية : 49 ] يقول : ما يبدىء الشيطان الخلق فيخلقهم وما يعيد خلقهم في الآخرة فيبعثهم بعد الموت والله جل وعز يفعل ذلك . { قُلْ إِن ضَلَلْتُ } وذلك أن كفار مكة ، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : لقد ضللت حين تركت دين آبائك { فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي } إنما ضلالتي على نفسي { وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي } من القرآن { إِنَّهُ سَمِيعٌ } الدعاء { قَرِيبٌ } [ آية : 50 ] الإجابة . { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ } يقول : إذا فزعوا عند معاينة العذاب ، نزلت في السفياني ، وذلك أن السفياني يبعث ثلاثين ألف رجل من الشام مقاتلة إلى الحجاز عليهم رجل اسمه بحير بن بجيلة ، فإذا انتهوا إلى البيداء خسف بهم ، فلا ينجو منهم أحد غير رجل من جهينة اسمه ناجية يفلت وحده ، مقلوب وجهه وراء ظهره ، يرجع القهقرى ، فيخبر الناس بما لقى أصحابه . قال : { وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } [ آية : 51 ] من تحت أرجلهم . { وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ } حين رأوا العذاب يقول الله تعالى : { وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ } التوبة عند معاينة العذاب { مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ } [ آية : 52 ] الرجعة إلى التوبة بعيد منهم لأنه لا يقبل منهم . { وَقَدْ كَـفَرُواْ بِهِ } بالقرآن { مِن قَـبْلُ } نزول العذاب حين بعث الله عز وجل محمداً صلى الله عليه وسلم { وَيَقْذِفُونَ بِٱلْغَيْبِ } يقول : ويتكلمون بالإيمان { مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } [ آية : 53 ] يقول : التوبة تباعد منهم ، فلا يقبل منهم وقد غيب عنهم الإيمان عند نزول العذاب ، فلم يقدروا عليه عند نزول العذاب بهم في الدنيا { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } من أن تقبل التوبة منهم عند العذاب { كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ } يقول : كما عذب أوائلهم من الأمم ا لخالية من قبل هؤلاء { إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكٍّ } من العذاب بأنه غير نازل بهم في الدنيا { مُّرِيبِ } [ آية : 54ِ ] يعني بمريب أنهم لا يعرفون شكهم ، ويقال : كان هذا العذاب بالسيف يوم بدر ، وقالوا : آمنا به ، يعني بالقرآن .