Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 11-20)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم دل جل وعز على نفسه ، فقال : { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ } يعني بدأ خلقكم { مِّن تُرَابٍ } يعني آدم عليه السلام { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } يعني نسله { ثُمَّ جَعَلَكُمْ } ذرية آدم { أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ } يقول : لا تحمل المرأة الولد { وَلاَ تَضَعُ } الولد { إِلاَّ بِعِلْمِهِ } ثم قال جل وعز : { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ } يعني من قل عمره أوكثر فهو إلى أجله الذي كتب له ، ثم قال جل وعز : { وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ } كل يوم حتى ينتهي إلى أجله { إِلاَّ فِي كِتَابٍ } اللوح المحفوظ مكتوب قبل إن يخلقه { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } [ آية : 11 ] الأجل حين كتبه الله جل وعز في اللوح المحفوظ . { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ } يعني الماء العذاب والماء المالح { هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ } يعني طيب { سَآئِغٌ شَرَابُهُ } يسيغه الشارب { وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } مر لا ينبت { وَمِن كُلٍّ } من الماء المالح والعذب { تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً } السمك { وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً } يعني اللؤلؤ { تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ } يعني بالمواخر أن سفينتين تجريان أحدهما مقبلة والآخرى مدبرة بريح واحدة ، تستقبل إحداهما الأخرى { لِتَبْتَغُواْ } في البحر { مِن فَضْلِهِ } من رزقه { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [ آية : 12 ] . { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ } انتقاص كل واحد منهما من الآخر حتى يصير أحداهما إلى تسع ساعات والآخر إلى خمس عشرة ساعة { وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } لبني آدم { كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى } كلاهما دائبان يجريان إلى يوم القيامة ، ثم دل على نفسه ، فقال جل وعز : { ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ } فاعرفوا توحيده بصنعه ، ثم عاب الآلهة ، فقال : { وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ } الذين تعبدون { مِن دُونِهِ } الأوثان { مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ } [ الآية : 13 ] قشر النوى الذي يكون على النوى الرقيق . ثم أخبر عن الآلهة اللات والعزى ، ومناة ، فقال سبحانه : { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ } يقول : لو أن الأصنام سمعوا ما استجابوا لكم { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ } يقول : إن الأصنام يوم القيامة يتبرءون من عبادتكم إياها ، فتقول للكفار : ما أمرناكم بعبادتنا ، نظيرها في يونس : { فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ } [ يونس : 29 ] ثم قال للنبى صلى الله عليه وسلم : { وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } [ آية : 14 ] يعني الرب نفسه سبحانه فلا أحد أخبر منه . قوله عز وجل : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } يعني كفار مكة { أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ } يعني إلى ما عند الله تعالى { وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ } عن عبادتكم { ٱلْحَمِيدُ } [ آية : 15 ] عند خلقه . { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ } أيها الناس بالهلاك إذا عصيتم { وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } [ آية : 16 ] غيركم أمثل منكم . { وَمَا ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } [ آية : 17 ] إن فعل ذلك هو على الله هين . { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } لا تحمل نفس خطيئة نفس أخرى { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ } من الوزر { إِلَىٰ حِمْلِهَا } من الخطايا أن يحمل عنها { لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ } من وزرها { شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ } ولو كان بينهما قرابة ما حملت عنها شيئاً من وزرها { إنَّمَا تُنذِرُ } المؤمنين { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ } آمنوا به ولم يروه { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } أتموا الصلاة المكتوبة { وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ } ومن صلح فصلاحه لنفسه { وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } [ آية : 18 ] فيجزى بالأعمال في الأخرة . ثم ضرب مثل المؤمن والكافر ، فقال جل وعز : { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } [ آية : 19 ] وما يستويان في الفضل والعمل الأعمى عن الهدى ، يعني الكافر والبصير بالهدى المؤمن . { وَلاَ } تستوي { ٱلظُّلُمَاتُ وَلاَ ٱلنُّورُ } [ آية : 20 ] يعني بالظلمات الشرك والنور يعني الإيمان .