Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 41-45)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم عظم نفسه تعالى عما قالوا من الشرك ، فقال جل ثناؤه : { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ } يقول : ألا تزولا عن موضعهما { وَلَئِن زَالَتَآ } ولئن أرسلهما فزالتا { إِنْ أَمْسَكَهُمَا } فمن يمسكهما { مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ } الله يقول : لا يمسكهما من أحد من بعده ، ثم قال في التقديم : { إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً } عنهم عن قولهم الملائكة بنات الله تعالى حين لا يعجل عليهم بالعقوبة { غَفُوراً } [ آية : 41 ] ذو تجاوز . { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ } يعني كفار مكة في الأنعام حين قالوا : { لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْكِتَابُ لَكُنَّآ أَهْدَىٰ مِنْهُمْ } [ الأنعام : 157 ] { جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } بجهد الأيمان { لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ } يعني رسولاً { لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ } يعني من اليهود والنصارى ، يقول الله عز وجل : { فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ } وهو محمد صلى الله عليه وسلم { مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } [ آية : 42 ] ما زادهم الرسول ودعوته إلا تباعداً عن الهدى عن الإيمان . { ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ } قول الشرك { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ } ولا يدور قول الشرك { إِلاَّ بِأَهْلِهِ } كقوله عز وجل { وَحَاقَ بِهِم } [ هود : 8 ] ودار بهم الآية ، ثم خوفهم ، فقال : { فَهَلْ يَنظُرُونَ } ما ينظرون { إِلاَّ سُنَّةَ آلأَوَّلِينَ } مثل عقوبة الأمم الخالية ينزل بهم العذاب ببدر كما نزل بأوائلهم { فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ } في العذاب { تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً } [ آية : 43 ] لا يقدر أحد أن يحول العذاب عنهم . ثم قال جل وعز يعظهم : { أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } عاد ، وثمود ، وقوم لوط { وَكَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } بطشاً ، فأهلكناهم { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ } ليفوته { مِن شَيْءٍ } من أحد ، كقوله عز وجل : { وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ } [ الممتحنة : 11 ] ، قوله جل وعز في يس : { وَمَآ أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ } [ يس : 15 ] يعني من أحد ، يقول : لا يسبقه من أحد كان { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } فيفوته أحد كان في السماوات أو في الأرض حتى يجزيه بعمله { إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً } بهم { قَدِيراً } [ آية : 44 ] في نزول العذاب بهم إذا شاء . { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ } كفار مكة { بِمَا كَسَبُواْ } من الذنوب وهو الشرك لعجل لهم العقوبة ، فذلك قوله عز وجل : { مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ } فوق الأرض من دابة لهلكت الدواب من قحط المطر { وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } إلى الوقت الذي في اللوح المحفوظ { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ } وقت نزول العذاب بهم في الدنيا { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً } [ آية : 45 ] لم يزل الله عز وجل بعباده بصيراً .