Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 31-40)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ هُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } يقول : إن قرآن محمد صلى الله عليه وسلم يصدق ما قبله من الكتب التي أنزلها الله عز وجل على الأنبياء ، عليهم السلام { إِنَّ ٱللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ } بأعمالهم { بَصِيرٌ } [ آية : 31 ] بها . { ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَابَ } قرآن محمد صلى الله عليه وسلم { ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا } اخترنا { مِنْ عِبَادِنَا } من هذه الأمة { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ } أصحاب الكبائر من أهل التوحيد { وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } عدل في قوله { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِٱلْخَيْرَاتِ } الذين سبقوا إلى الأعمال الصالحة ، وتصديق الأنبياء { بِإِذُنِ ٱللَّهِ } بأمر الله عز وجل { ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } [ آية : 32 ] دخول الجنة . ثم أخبره بثوابهم ، فقال جل وعز : { جَنَّاتُ عَدْنٍ } تجري من تحتها الأنهار { يَدْخُلُونَهَا } هؤلاء الأصناف الثلاثة { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ } بثلاث أسورة { وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } [ آية : 33 ] وقد حبس الظالم بعد هؤلاء الصنفين السابق والمقتصد ، ما شاء الله من أجل ذنوبهم الكبيرة ، ثم غفرها لهم وتجاوز عنهم ، فأدخلوا الجنة ، فلما دخلوها ، واستقرت بهم الدار حمدوا ربهم من المغفرة ودخول الجنة . { وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِيۤ أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ } لأنهم لا يدرون ما يصنع الله عز وجل بهم { إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ } للذنوب العظام { شَكُورٌ } [ آية : 34 ] للحسنات وإن قلت ، وهذا قول آخر شكور للعمل الضعيف القليل ، فهذا قول أهل الكبائر من أهل التوحيد . ثم قالوا : الحمد لله { ٱلَّذِيۤ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ } يعني دار الخلود أقاموا فيها أبداً لا يموتون ولا يتحولون عنها أبداً { مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ } لا يصيبنا في الجنة مشقة في أجسادنا { وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } [ آية : 35 ] ولا يصيبنا في الجنة عيا لما كان يصيبهم في الدنيا من النصب في العبادة . { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بتوحيد الله { لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ } هكذا { نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } [ آية : 36 ] بالإيمان . { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا } يعني يستغيثون فيها والاستغاثة أنهم ينادون فيها { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ } من الشرك ، ثم قيل لهم : { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ } في الدنيا { مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ } في العمر { مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ } الرسول محمد صلى الله عليه وسلم { فَذُوقُواْ } العذاب { فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } [ آية : 37 ] ما للمشركين من مانع يمنعهم من الله عز وجل . { نَّ ٱللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } يعلم ما يكون فيهما وغيب ما في قلوبهم أنهم لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [ آية : 38 ] بما في القلوب . { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ } من بعد الأمم الخالية { فَمَن كَفَرَ } بتوحيد الله { فَعَلَيْهِ } عاقبه { كُفْرُهُ وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً } يقول الكافر لا يزداد في طول العمل إلا ازداد الله جل وعز له بغضاً ، ثم قال جل وعز : { وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً } [ آية : 39 ] لا يزداد الكافرون في طول العمل إلا ازدادوا بكفرهم خساراً . { قُلْ } يا محمد لكفار مكة { أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ } مع الله يعني الملائكة { ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ } يعني تعبدون { مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ } يقول : ماذا خلقت الملائكة في الأرض كما خلق الله عز وجل أن كانوا آلهة { أَمْ لَهُمْ } يعني أم لهم : الملائكة { شِرْكٌ } مع الله عز وجل في سلطانه { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَىٰ بَيِّنَتٍ مِّنْهُ } يقول : هل أعطينا كفار مكة فهم على بينة منه بأن مع الله عز وجل شريكاً من الملائكة ثم أستأنف ، فقال : { بَلْ إِن يَعِدُ } ما يعد { ٱلظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً } [ آية : 40 ] ما يعد الشيطان كفار بني آدم من شفاعة الملائكة لهم في الآخرة إلا باطلاً .