Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 31-40)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِٱلْعَشِيِّ ٱلصَّافِنَاتُ } يعنى بالصفن إذا رفعت الدابة إحدى يديها فتقوم على ثلاث قوائم ، ثم قال : { ٱلْجِيَادُ } [ آية : 31 ] يعنى السراع ، مثل قوله : { فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ } [ الحج : 36 ] ، معلقة قائمة على ثلاث ، وذلك أن سليمان ، عليه السلام ، صلى الأولى ، ثم جلس على كرسيه لتعرض عليه الخيل وعلى ألف فرس كان ورئها من أبيه داود ، عليه السلام ، وكان أصابها من العمالقة ، فعرض عليه منها تسع مائة ، فغابت الشمس ولم يصل العصر . فذلك قوله : { فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ } يعنى المال ، وهو الخيل الذى عرض عليه { عَن ذِكْرِ رَبِّي } يعنى صلاة العصر ، كقوله : { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } [ النور : 37 ] ، يعنى الصلوات الخمس ، { حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ } [ آية : 32 ] والحجاب جبل دون " ق " بمسيرة سنة تغرب الشمس من ورائه . ثم قال : { رُدُّوهَا عَلَيَّ } يعنى كروها على { فَطَفِقَ مَسْحاً بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ } [ آية : 33 ] يقول : فجعل يسمح بالسيف سوقها وأعناقها فقطعها ، وبقى منها مائة فرس ، فما كان فى أيدى الناس اليوم فهى من نسل تلك المائة . قوله : { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ } يعنى بعدما ملك عشرين سنة ، ثم ملك أيضاً بعد الفتنة عشرين سنة ، فذلك أربعين يقول : لقد ابتلينا سليمان أربعين يوماً { وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ } يعنى سريره { جَسَداً } يعنى رجلاً من الجن يقال له : صخر بن غفير بن عمرو بن شرحبيل ، ويقال : إن إبليس جده ، ويقال أيضاً اسمه أسيد { ثُمَّ أَنَابَ } [ آية : 34 ] يقول : ثم رجع بعد أربعين يوماً إلى ملكه وسلطانه ، وذلك أن سليمان غزا العمالقة ، فسبى من نسائهم ، وكانت فيهم ابنة ملكهم ، فاتخذها لنفسه فاشتقات إلى أبيها ، وكان بها من الحسن والجمال حالاً يوصف فحزنت وهزلت وتغيرت ، فأنكرها سليمان أن يتخذ لها شبيه أبيها ، فاتخذ لها صنماً على شبه أبيها ، فكانت تنظر إليه فى كل ساعة ، فذهب عنها ما كانت تجد ، فكانت تكنس ذلك البيت وترشه ، حتى زين لها الشيطان فعبدت ذلك الصنم بغير علم سليمان لذلك ، كانت لسليمان جارية من أوثق أهله عنده قد كان وكاها بخاتمه وكان سليمان لا يدخل الخلاء ، حتى يدفع خاتمه إلى تلك الجارية ، وإذا أتى بعض نسائة فعل ذلك ، وأن سليمان أراد ذات يوم أن يدخل الخلاء ، فجاء صخر فألقاه فى البحر وجلس صخر فى ملك سليمان ، وذهب عن سليمان البهاء ، والنور فخرج يدور فى قرى بنى إسرائيل ، فكلما آتى سليمان قوماً رجموه وطردوه تعظيماً لسليمان ، عليه السلام ، وكان سليمان إذا ليس خاتمه سجد له كل شىء يراه من الجن والشياطين وظله الطير ، وكان خرج فى ملكه فى ذى القعدة ، وعشر ذى الحجة ، ورجع إلى ملكه يوم النحر . وذلك قوله : { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ } أربعين يوماً { ثُمَّ أَنَابَ } يعنى رجع إلى ملكه ، وذلك أنه أتى ساحل البحر ، فوجد صياداً يصيد السمك فتصدق منه ، فتصدق عليه بسمكة ، فشق بطنها ، فوجد الخاتم فلبسه ، فرجع إليه البهاء والنور ، وسجد له كل من رآه وهرب صخر ، فدخل البحر ، فبعث فى طلبه الشياطين ، فلم يقدروا عليه حتى أشارت الشياطين على سليمان أن يتخذ على ساحل البحر ، كهيئة العين من الخمر ، وجعلت الشياطين تشرب من ذلك الخمر ويلهن ، فسمع صخر جلبتهم ، فخرج إليهم ، فقال لهم : ما هذا اللهو والطرب ، قالوا : مات سليمان بن داود وقد استرحنا منه ، غنحن نشرب ونلهوا ، فقال لهم : وأنا أيضاً أشرب وألهو معكم ، فلما شرب الخمر فسكر ، أخذوه وأوثقوه وأتى به سليمان ، فحفر له حجراً ، فأدخل فيه وأطبق عليه بحجر آخر ، وأذاب الرصاص ، فصب بين الحجرين وقذف به فى البحر ، فهو فيه إلى اليوم . فلما رجع سليمان إلى ملكه وسلطانه { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ } [ آية : 35 ] فوهب الله عز وجل له من الملك ما لم يكن له ، ولا لأبيه داود ، عليهما السلام ، فزاده الرياح والشياطين بعد ذلك . فذلك قوله تعالى : { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ } [ آية : 36 ] يقول : مطيعة لسليمان حيث أراد أن تتوجه توجهت له { وَ } سخرنا له { وَٱلشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ } [ آية : 37 ] كانوا يبنون له ما يشاء من البنيان ، وهو محاريب وتماثيل ويغوصون له فى البحر ، فسيتخرجون له اللؤلؤ ، وكان سليمان أول من استخرج اللؤلؤ من البحر . قال : { وَآخَرِينَ } من مردة الشياطين ، إضمار { مُقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } [ آية : 38 ] يعنى موثقين فى الحديد { هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ } على من شئت من الشياطين ، فحل عنه { أَوْ أَمْسِكْ } يعنى وأحبس فى العمل والوثاق من شئت منهم { بِغَيْرِ حِسَابٍ } [ آية : 39 ] يعنى بلا تبعة عليك فى الآخرة ، فيمن تمن عليه فترسله ، وفيمن تحبسه فى العلمل . ثم أخبر بمنزلة سليمان فى الآخرة ، فقال تعالى { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ } يعنى لقربة { وَحُسْنَ مَآبٍ } [ آية : 40 ] يعنى وحسن مرجع ، وكان لسيمان ثلاث مائة امرأة حرة وسبع مائة سرية ، كان لداود ، عليه السلام ، مائة امرأة حرة وتسع مائة سرية ، وكانت الأنبياء كلهم فى الشدة غير داود وسليمان ، عليهما السلام .