Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 105-113)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ } ، وذلك أن يهودياً يسمى زيد بن السمين ، كان استودع طعمة بن أبيرق الأنصارى من الأوس من بنى ظفر بن الحارث درعاً من حديد ، ثم إن زيداً اليهودى طلب درعه فجحده طعمة ، فقال زيد لقومه : قد ذكر لى أن الدرع عنده ، فانطلقوا حتى نلتمس داره ، فاجتمعوا ليلاً فأتوا داره ، فلما سمع جلبة القوم أحس قلبه أن القوم إنما جاءوا من أجل الدرع ، فرمى به فى دار أبى مليك ، فدخل القوم داره ، فلم يجدوا الدرع ، فاجتمع الناس . ثم إن طعمة اطلع فى دار أبى مليك ، فقال : هذا درع فى دار أبى مليك ، فلا أدرى هى لكم أم لا ؟ فأخذوا الدرع ، ثم إن قوم طعمة ، قتادة بن النعمان وأصحابه ، قالوا : انطلقوا بنا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فلنبرئ صاحبنا ، ونقول : إنهم أتونا ليلاً ففضحونا ، ولم يكن معهم رسول من قبلك ونأمرهم أن يبرءوا صاحبنا لتنقطع ألسنة الناس عنا بما قذفونا به ، ونخبره أنها وجدت فى دار أبى مليك ، فأتوا النبى صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه فصدق النبى صلى الله عليه وسلم طعمة وأبرأه من ذلك ، وهو يرى أنهم قد صدقوا ، فأنزل الله تعالى : { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } ، يعنى القرآن { بِٱلْحَقِّ } لم ننزله باطلاً عبثاً لغير شىء ، { لِتَحْكُمَ } ، يعنى لكى تحكم { بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ } ، يعنى بما علمك الله فى كتابه ، كقوله سبحانه : { وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } [ سبأ : 6 ] ، { وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً } [ آية : 105 ] ، يعنى طعمة . ثم قال : { وَٱسْتَغْفِرِ ٱللَّهِ } يا محمد عن جدالك عن طعمة حين كذبت عنه ، فأبرأته من السرقة ، { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } [ آية : 106 ] ، فاستغفر النبى صلى الله عليه وسلم عند ذلك ، { وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ } ، يعنى طعمة ، { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً } [ آية : 107 ] فى دينه أثميا بربه ، { يَسْتَخْفُونَ } ، يعنى يستترون بالخيانة { مِنَ ٱلنَّاسِ } ، يعنى طعمة ، { وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ } ، ولا يشترون بالخيانة من الله ، { وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ } ، يعنى إذ يؤلفون { مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ } ، لقولهم : إنا نأتى النبى صلى الله عليه وسلم فنقول له كذا وكذا ، فألقوا قولهم بينهم ، يعنى قتادة وأصحابه ليدفعوا عن صاحبهم ما لا يرضى الله من القول ، { وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } [ آية : 108 ] ، يعنى أحاط علمه بأعمالهم ، يعنى قوم الخائن قتادة بن النعمان وأصحابه . ثم قال يعينهم : { هَاأَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ } قوم الخائن { جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ } نبيكم { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } عن طعمة ، { فَمَن يُجَادِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } [ آية : 109 ] ، يعنى به قومه ، يقول : أم من يكون لطعمة مانعاً فى الآخرة ، ثم عرض على طعمة التوبة ، فقال : { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً } ، يعنى إثماً ، { أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } ، يعنى قذف البرئ أبا مليك ، { ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } [ آية : 110 ] . { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً } ، يعنى طعمة ، { فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } [ آية : 111 ] فى أمره ، { وَمَن يَكْسِبْ } لنفسه { خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً } ، يعنى قذف البرئ ، { ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً } ، يعنى أنه رمى به فى دار أبى مليك الأنصارى ، { فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً } ، يعنى قذفه البرئ بما لم يكن ، { وَإِثْماً مُّبِيناً } [ آية : 112 ] ، يعنى بيناً . ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ } ، يعنى ونعمته بالقرآن حين بين لك أمر طعمة ، فحولك عن تصديق الخائنين بالقرآن ، { لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ } ، يقول : لكادت طائفة من قوم الخائنين أن يستنزلوك عن الحق ، { وَمَا يُضِلُّونَ } ، يعنى وما يستنزلون { إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ } ، يعنى وما ينقصونك من شىء ليس ذلك بأيديهم ، إنما ينقصون أنفسهم ، ثم قال : { وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } ، يعنى الحلال والحرام ، { وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } من أمر الكتاب وأمر الدين ، { وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً } [ آية : 113 ] ، يعنى النبوة والكتاب .