Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 153-159)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } ، نزلت فى اليهود ، وذلك أن كعب بن الأشرف ، وفنحاص اليهودى ، قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم : إن كنت صادقاً بأنك رسول ، فائتنا بكتاب غير هذا ، مكتوب فى السماء جملة واحدة كما جاء به موسى ، فذلك قوله : { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ … } إلى قوله سبحانه : { فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ فَقَالُوۤاْ أَرِنَا ٱللَّهِ جَهْرَةً } ، يعنى معاينة ، { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ } ، يعنى الموت ، { بِظُلْمِهِمْ } لقولهم : أرنا الله جهرة معاينة ، { ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } ، يعنى الآيات التسع ، { فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ } ، فلم نستأصلهم جميعاً عقوبة باتخاذهم العجل ، { وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَاناً مُّبِيناً } [ آية : 153 ] ، يعنى حجة بينة ، يعنى اليد والعصى . { وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ } ، يعنى الجبل فوق رءوسهم ، رفعه جبريل ، عليه السلام ، وكانوا فى أصل الجبل ، فرفع الطور فوق رءوسهم ، { بِمِيثَاقِهِمْ } ؛ لأن يقروا بما فى التوراة ، { وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً } ، يعنى باب حطة ، { وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ } ، أى لا تعدوا فى أخذ الحيتان يوم السبت ، { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } [ آية : 154 ] ، يعنى شديداً ، والميثاق إقرارهم بما عهد الله عز وجل فى التوراة . { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مَّيثَاقَهُمْ } ، يعنى فبنقضهم إقرارهم بما فى التوراة ، { وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ ٱللَّهِ } ، يعنى الإنجيل والقرآن ، وهم اليهود ، { وَقَتْلِهِمُ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } ، وذلك حين سمعوا من النبى صلى الله عليه وسلم : { وَقَتْلِهِمُ ٱلأَنْبِيَآءَ } عرفوا أن الذى قال لهم النبى صلى الله عليه وسلم حق ، وقالوا : { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } ، يعنى فى أكنة عليها الغطاء ، فلا تفقه ولا تفهم ما تقول يا محمد ، كراهية ما سمعوا من النبى صلى الله عليه وسلم من كفرهم بالإنجيل والفرقان ، يقول الله تعالى : { بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ } ، يعنى ختم على قلوبهم ، { فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } [ آية : 155 ] ، يقول : ما أقل ما يؤمنون ، فإنهم لا يؤمنون البتة . { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } [ آية : 156 ] ، وذلك أن اليهود قذفوا مريم ، عليها السلام ، بيوسف بن ماثان بالزنا ، وكان ابن عمها ، وكان قد خطبها ، ومريم ابنة عمران بن ماثان ، { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ } ، ولم يقولوا : رسول الله ، ولكن الله عز وجل قال : { رَسُولَ ٱللَّهِ } ، ثم قال تعالى : { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ } بصاحبهم الذى قتلوه ، وكان الله عز وجل قد جعله على صورة عيسى فقتلوه ، وكان المقتول لطم عيسى ، وقال لعيسى حين لطمه : أتكذب على الله حين تزعم أنك رسوله ، فلما أخذه اليهود ليقتلوه ، قال لليهود : لست بعيسى ، أنا فلان ، واسمه يهوذا ، فكذبوه وقالوا له : أنت عيسى ، وكانت اليهود جعلت المقتول رقيباً على عيسى صلى الله عليه وسلم ، فألقى الله تعالى ذكره شبهه على الرقيب فقتلوه . ثم قال سبحانه : { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } ، يعنى فى عيسى ، وهم النصارى ، فقال بعضهم : قتله اليهود ، وقال بعضهم : لم يقتل ، { لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ } فى شك من قتله ، { مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } [ آية : 157 ] ، يقول : وما قتلوا ظنهم يقيناً ، يقول : لم يستيقنوا قتله ، كقول الرجل : قتلته علماً ، فأكذب الله عز وجل اليهود فى قتل عيسى صلى الله عليه وسلم ، فقال عز وجل : { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ } إلى السماء حياً فى شهر رمضان فى ليلة القدر ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، رفع إلى السماء من جبل بيت المقدس ، فذلك قوله سبحانه : { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ } { وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } [ آية : 158 ] ، يعنى عزيزاً منيعاً حين منع عيسى من القتل ، حكيماً حين حكم رفعه ، قال : وترك عيسى صلى الله عليه وسلم بعد رفعه خفين ، ومدرعة ، وحذافة يحذف بها الطير ، وقالت عائشة ، رضى الله عنها : وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته إزاراً غليظاً ، وكساء ، ووسادة أدم حشوها ليف . { وَإِن مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ } ، يعنى وما من أهل الكتاب ، يعنى اليهود ، إلا ليؤمنن { بِهِ } ، يعنى بعيسى صلى الله عليه وسلم ، { قَبْلَ مَوْتِهِ } أنه نبى رسول قبل موت اليهودى ، يعنى عند موته ؛ لأن الملائكة تضرب وجوههم وأدبارهم ، وتقول : يا عدو الله ، إن المسيح الذى كذبتم به ، هو عبدالله ورسوله حقاً ، فيؤمن به ولا ينفعه ، ويؤمن به من كان منهم حياً إذا نزل عيسى صلى الله عليه وسلم ، فينزل عيسى صلى الله عليه وسلم على ثنية يقال لها : أفيق ، دهين الرأس ، عليه ممصرتان ، ومعه حربة يقتل بها الدجال ، فقيل لابن عباس ، رحمه الله : فمن غرق من اليهود ، أو أحرق بالنار ، أو أكله السبع ، قال : لا تخرج روحه حتى يؤمن بعيسى صلى الله عليه وسلم ، ثم قال تعالى : { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً } [ آية : 159 ] أنه قد بلغهم الرسالة .