Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 94-94)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، وذلك " أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث سرية ، وبعث عليها غالب بن عبدالله الليثى أخا ثميلة بن عبدالله ، فلما أصبحوا رأوا رجلاً يسمى مرداس بن عمرو بن نهيك العنسى من بنى تيم بن مرة من أهل فدك ، معه غنيمة له ، فلما رأى الخيل ساق غنيمته حتى أحرزها فى الجبل ، وكان قد أسلم من الليل وأخبر أهله بذلك ، فلما دنوا منه كبروا ، فسمع التكبير ، فعرفهم ، فنزل إليهم ، فقال : سلام عليكم ، إنى مؤمن ، فحمل عليه أسامة بن زيد بن حارثة الكلبى من بنى عبد ود ، فقال مرداس : إنى منكم أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله . فطعنه أسامه برمحه فقتله وسلبه وساق غنمه ، فلما قدم المدينة أخبر أسامة النبى صلى الله عليه وسلم ، فلامه النبى ملامة شديدة ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " قتلته وهو يقول : لا إله إلا الله ؟ " ، قال : إنما قال ذلك أراد أن يحرز نفسه وغنمه ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " أفلا شققت عن قلبه ، فتنظر صدق أم لا ؟ " ، قال : يا رسول الله ، كيف يتبين لى ؟ وإنما قلبه بضعة من جسده ، فقال : " فلا صدقته بلسانه ، ولا أنت شققت عن قلبه فيبين لك " ، فقال : استغفر لى يا رسول الله ، قال : " فكيف لك بلا إله إلا الله " ، يقول ذلك ثلاث مرات ، فاستغفر له النبى صلى الله عليه وسلم الرابعة " قال أسامة فى نفسه : وددت أنى لم أسلم حتى كان يومئذ ، فأمره النبى صلى الله عليه وسلم أن يعتق رقبة . قال مقاتل ، رحمه الله : فعاش أسامة زمن أبى بكر ، وعمر ، وعثمان ، رضى الله عنهم ، حتى أدرك على بن أبى طالب ، رضى الله عنه ، فدعاه على ، رحمه الله ، إلى القتال ، فقال أسامة : ما أحد أعز علىَّ منك ، ولكن لا أقاتل مسلماً بعد قول النبى صلى الله عليه وسلم : " كيف لك بلا إله إلا الله ؟ " . فإن أتيت بسيف إذا ضربت به مسلماً ، قال السيف : هذا مسلم ، وإن ضربت به كافراً ، قال لى : هذا كافر ، قاتلت معك ، فقال له على : اذهب حيث شئت ، فأنزل الله عز وجل : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، يعنى سرتم غزاة فى سبيل الله ، { فَتَبَيَّنُواْ } من تقتلوا ، { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَىۤ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلاَمَ } ، يعنى مرداس ، وذلك أنه قال لهم : السلام عليكم إنى مؤمن ، { لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } ، يعنى غنم مرداس ، { فَعِنْدَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ } فى الآخرة والجنة ، { كَذٰلِكَ } ، يعنى هكذا ، { كُنْتُمْ مِّن قَبْلُ } الهجرة بمنزلة مرداس تأمنون فى قومكم بالتوحيد من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم إذا لقوكم ، فلا تخيفون أحداً بأمر كان فيكم تأمنون بمثله قبل هجرتكم ، { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } بالهجرة فهاجرتم ، { فَتَبَيَّنُواْ } إذا خرجتم فلا تقتلوا مسلماً ، { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } [ آية : 94 ] ، فقال أسامة : والله لا أقتل رجلاً بعد هذا يقول : لا إله إلا الله .