Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 106-108)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يِا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } ، نزلت فى بديل بن أبى مارية مولى العاص ابن وائل السهمى ، كان خرج مسافراً فى البحر إلى أرض النجاشى ومعه رجلان نصرانيان ، أحدهما يسمى تميم بن أوس الدارى ، وكان من لخم ، وعدى بن بندا ، فمات بديل وهم فى البحر ، فرمى به فى البحر ، قال : { حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ } ، وذلك أنه كتب وصيته ، ثم جعلها فى متاعه ، ثم دفعه إلى تميم وصاحبه ، وقال لهما : أبلغا هذا المتاع إلى أهلى ، فجاءا ببعض المتاع وحبسا جاماً من فضة مموهاً بالذهب ، فنزلت : { يِا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ } ، يقول : عند الوصية يشهدون وصيته . { ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ } من المسلمين فى دينهما ، { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } ، يعنى من غير أهل دينكم النصرانيين ، تميم الدارى وعدى بن بندا ، { إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ } يا معشر المسلمين للتجارة ، { فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ } ، يعنى بديل بن أبى مارية حين انطلق تاجراً فى البحر ، وانطلق معه تميم وعدى صاحباه ، فحضره الموت ، فكتب وصيته ، ثم جعلها فى المتاع ، فقال : أبلغا هذا المتاع إلى أهلى ، فلما مات بديل ، قبضا المتاع ، فأخاذا منه ما أعجبهما ، وكان فيما أخذا إناء من فضة فيه ثلاثمائة مثقال منقوش مموه بالذهب ، فلما رجعا من تجارتهما دفعا بقية المال إلى ورثته ، ففقدوا بعض متاعه ، فنظروا إلى الوصية ، فوجدوا المال فيه تاماً لم يبع منه ، ولم يهب ، فكلموا وتميماً وصاحبه ، فسألوهما : هل باع صاحبنا شيئاً أو اشترى شيئاً فخسر فيه ، أو طال مرضه فأنفق على نفسه ؟ فقال : لا ، قالوا : فإنا قد فقدنا بعض ما أبدى به صاحبنا ، فقالا : ما لنا بما أبدى ، ولا بما كان فى وصيته علم ، ولكنه دفع إلينا هذا المال ، فبلغناكم إياه . فرفعوا أمرهم إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، فنزلت : { يِا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } ، يعنى بديلب بن أبى مارية ، { ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ } ، يعنى من المسلمين ، عبدالله بن عمرو بن العاص ، والمطلب بن أبى وداعة السهميان ، { وْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } من غير أهل دينكم ، يعنى النصرانيين ، { إِنْ أَنتُمْ } معشر المسلمين { ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ } تجاراً { فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ } ، يعنى بديل بن أبى مارية مولى العاص بن وائل السهمى ، { تَحْبِسُونَهُمَا } ، يعنى النصرانيين تقيمونهما ، { مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ } صلاة العصر ، { فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ } ، فيحلفان بالله ، { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } ، يعنى إن شككتم ، نظيرها فى النساء القصرى ، أن المال كان أكثر من هذا الذى أتيناكم به ، { لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً } ، يقول : لا نشترى بأيماننا عرضاً من الدنيا ، { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ } ، يقول : ولو كان الميت ذا قرابة منا ، { وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللَّهِ إِنَّآ إِذَاً } إن كتمنا شيئاً من المال ، { لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ } [ آية : 106 ] بالله عز وجل . فحلفهما النبى صلى الله عليه وسلم عند المنبر بعد صلاة العصر ، فحلفا أنهما لم يخونا شيئاً من المال ، فخلى سبيلهما ، فلما كان بعد ذلك ، وجدوا الإناء الذى فقدوه عند تميم الدارى ، قالوا : هذا من آنية صاحبنا الذى كان أبدى بها ، وقد زعمتما أنه لم يبع ولم يشتر ولم ينفق على نفسه ، فقالا : قد كنا اشتريناه منه ، فنسينا أن نخبركم به ، فرفعوهما إلى النبى صلى الله عليه وسلم الثانية ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا وجدنا مع هذين إناء من فضة من متاع صاحبنا ، فأنزل الله عز وجل : { فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً } ، يقول : فإن اطلع على أنهما ، يعنى النصرانيين كتما شيئاً من المال أو خانا ، { فَآخَرَانِ } من أولياء الميت ، يعنى عبدالله بن عمرو بن العاص ، والمطلب بن أبى وداعة السهميان ، { يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا } ، يعنى مقام النصرانيين ، { مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ } الإثم ، { عَلَيْهِمُ ٱلأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ } ، يعنى فيحلفان بالله فى دبر صلاة العصر أن الذى فى وصية صاحبنا حق ، وأن المال كان أكثر مما أتيتمانا به ، وأن هذا الإناء لمن متاع صاحبنا الذى خرج به معه ، وكتبه فى وصيته ، وأنكما خنتما ، فذلك قوله سبحانه : { لَشَهَادَتُنَا } ، يعنى عبدالله بن عمرو بن العاص ، والمطلب ، { أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا } ، يعنى النصرانيين ، { وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ } بشهادة المسلمين من أولياء الميت ، { إِنَّا إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ آية : 107 ] . { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ } ، يعنى أجدر ، نظيرها فى النساء ، { أَن يَأْتُواْ } ، يعنى النصرانيين ، { بِٱلشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَآ } ، كما كانت ولا يكتمان شيئاً ، { أَوْ يَخَافُوۤاْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ } ، يقول : أو يخافوا أن يطلع على خيانتهم فيرد شهادتهما بشهادة الرجلين المسلمين من أولياء الميت ، فحلف عبدالله والمطلب كلاهما أن الذى فى وصية الميت حق ، وأن هذا الإناء من متاع صاحبنا ، فأخذوا تميم بن أوس الدارى ، وعدى بن بندا النصرانيين بتمام ما وجدوا فى وصية الميت حين اطلع الله عز وجل على خيانتهما فى الإناء ، ثم وعظ الله عز وجل المؤمنين ألا يفعلوا مثل هذا ، وألا يشهدوا بما لم يعاينوا ويروا ، فقال سبحانه يحذرهم نقمته ، { وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ وَٱسْمَعُواْ } مواعظه ، { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } [ آية : 108 ] ، " وأن تميم بن أوس الدارى اعترف بالخيانة ، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : " ويحك يا تميم ، أسلم يتجاوز الله عنك ما كان فى شركك " ، فأسلم تميم الدارى وحسن إسلامه ، ومات عدى بن بندا نصرانياً .