Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 6-7)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً } ، يعنى إن أصابتكم جنابة ، { فَٱطَّهَّرُواْ } ، يعنى فاغتسلوا ، { وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ } ، نزلت فى عبدالرحمن بن عوف ، رضى الله عنه ، أو أصابكم جراحة ، أو جدرى ، أو كان بكم قروح وأنتم مقيمون فى الأهل ، فخشيتم الضرر والهلاك ، فتيمموا الصعيد ضربة للوجه وضربة للكفين ، { أَوْ } إن كنتم { عَلَىٰ سَفَرٍ } ، نزلت فى عائشة ، رضى الله عنها ، حين أسقطت قلادتها ، وهو مع النبى صلى الله عليه وسلم فى غزاة بنى أنمار ، وهم حى من قيس عيلان . { أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ } فى السفر { أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } ، يعنى جامعتم النساء فى السفر ، { فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ } ، يعنى من الصعيد ضربتين ، ضربة للوجه وضربة لليدين إلى الكرسوع ، ولم يؤمروا بمسح الرأس فى التيمم ، { مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ } ، يعنى ضيق فى أمر دينكم ، أذ رخص لكم فى التيمم ، { وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ } فى أمر دينكم من الأحداث والجنابة ، { وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ } ، يعنى إذ رخص لكم فى التيمم فى السفر ، والجراح فى الحضر ، { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [ آية : 6 ] رب هذه النعم فتوحدونه ، فلما نزلت الرخصة ، قال أبو بكر الصديق ، رضى الله عنه ، لعائشة ، رضوان الله عليها : والله ما علمتك إلا مباركة . قوله سبحانه : { وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ } ، يعنى بالإسلام يوم أخذ ميثاقكم على المعرفة بالله عز وجل والربوبية ، { إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } ، ذلك أن الله عز وجل أخذ الميثاق الأول على العباد حين خلقهم من صلب آدم ، عليه السلام ، فذلك قوله عز وجل : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ } [ الأعراف : 172 ] على أنفسنا ، فمن بلغ منهم العمل ، وأقر لله عز وجل بالإيمان به ، وبآياته ، وكتبه ، ورسله ، والكتاب ، والملائكة ، والجنة ، والنار ، والحلال ، والحرام ، والأمر ، والنهى أن يعمل بما أمر ، وينتهى عما نهى ، فإذا أوفى لله تعالى بهذا ، أوفى الله له بالجنة … فهذان ميثاقان ، ميثاق بالإيمان بالله ، وميثاق بالعمل ، فذلك قوله سبحانه فى البقرة : { سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } [ البقرة : 285 ] ، سمعنا بالقرآن الذى جاء من عند الله ، وأطعنا الله عز وجل فيه ، وذلك قوله سبحانه فى التغابن : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ } [ التغابن : 16 ] ، يقول : اسمعوا القرآن الذى جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله عز وجل ، وأطيعوا الله فيما أمركم ، فمن بلغ الحلم والعمل ولم يؤمن بالله عز وجل ولا بالرسول والكتاب ، فقد نقض الميثاق الأول بالإيمان بالله عز وجل ، وبما أخذ الله تعالى عليه حين خلقه وصار من الكافرين ، ومن أخذ الله عز وجل عليه الميثاق الأول ، ولم يبلغ الحلم ، فإن الله عز وجل أعلم به . قال : وسُئل عبدالله بن عباس عن أطفال المشركين ، فقال : لقد أخذ الله عز وجل الميثاق الأول عليهم ، فلم يدركوا أجلاً ، ولم يأخذوا رزقاً ، ولم يعملوا سيئة ، { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } [ الإسراء : 15 ] ، وماتوا على الميثاق الأول ، فالله أعلم بهم . { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، ولا تنقضوا ذلك الميثاق ، { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [ آية : 7 ] ، يعنى بما فى قلوبهم من الإيمان والشك .