Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 90-93)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله سبحانه : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ } ، نزلت فى سعد بن أبى وقاص ، رضى الله عنه ، وفى رجل من الأنصار ، يقال له : عتبان بن مالك الأنصارى ، وذلك أن الأنصارى صنع طعاماً ، وشوى رأس بعير ، ودعا سعد بن أبى وقاص إلى الطعام ، وهذا قبل التحريم ، فأكلوا وشربوا حتى انتشوا ، وقالوا الشعر ، فقام الأنصارى إلى سعد ، فأخذ إحدى لحيى البعير ، فضرب به وجهه فشجه ، فانطلق سعد مستعدياً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزل تحريم الخمر . فقال سبحانه : { يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ } ، يعنى به القمار كله ، { وَٱلأَنصَابُ } ، يعنى الحجارة التى كانوا ينصبونها ويذبحون لها ، { وَٱلأَزْلاَمُ } ، يعنى القدحين الذين كانوا يعملون بهما ، { رِجْسٌ } ، يعنى إثم ، { مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ فَٱجْتَنِبُوهُ } ، يعنى من تزيين الشيطان ، ومثله فى القصص : { هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ } [ القصص : 15 ] ، { فَٱجْتَنِبُوهُ } ، فهذا النهى للتحريم ، كما قال سبحانه : { فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ } [ الحج : 30 ] ، فإنه حرام ، كذلك فاجتنبوا الخمر ، فإنها حرام ، { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ آية : 90 ] ، يعنى لكى . { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةَ } ، يعنى أن يغرى بينكم العداوة ، { وَٱلْبَغْضَآءَ } الذى كان بين سعد وبين الأنصارى حتى كسر أنف سعد ، { فِي ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ } ، ورث ذلك العداوة والبغضاء ، { وَ } يريد الشيطان أن { وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } ، يقول : إذا سكرتم لم تذكروا الله عز وجل ، { وَعَنِ ٱلصَّلاَةِ } ، يقول : إذا سكرتم لم تصلوا ، { فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } [ آية : 91 ] ، فهذا وعيد بعد النهى والتحريم ، قالوا : انتهينا يا ربنا ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الذين آمنوا ، إن الله حرم عليكم الخمر ، فمن كان عنده منها شئ ، فلا يشربها ، ولا يبيعها ، ولا يسقيها غيره " . قال : وقال أنس بن مالك : لقد نزل تحريم الخمر وما بالمدينة يومئذ خمر ، إنما كانوا يشربون الفصيح ، وأما الميسر ، فهو القمار ، وذلك أن الرجل فى الجاهلية كان يقول : أين أصحاب الجزور ، فيقوم نفر ، فيشترون بينهم جزوراً ، فيجعلون لكل رجل منهم سهم ، ثم يقرعون ، فمن خرج سهمه برئ من الثمن ، وله نصيب فى اللحم ، حتى يبقى آخرهم ، فيكون عليه الثمن كله ، وليس له نصيب فى اللحم ، وتقسم الجزور بين البقية بالسوية . وأما الأزلام ، فهى القداح التى كانوا يقتسمون الأمور بها ، قدحين مكتوب على أحدهما : أمرنى ربى ، وعلى الآخر : نهانى ربى ، فإذا أرادوا أمراً أتوا بيت الأصنام ، فغطوا عليه ثوباً ، ثم ضربوا بالقداح ، فإن خرج أمرنى ربى ، مضى على وجهه الذى يريد ، وإن خرج نهانى ربى ، لم يخرج فى سفره ، وكذلك كانوا يفعلون إذا شكوا فى نسبة رجل ، وأما الأنصاب ، فهى الحجارة التى كانو ينصبونها حول الكعبة ، وكانوا يذبحون لها . ثم قال عز وجل : { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } فى تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام ، إلى آخر الآية ، { وَٱحْذَرُواْ } معاصيهما ، { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } ، يعنى أعرضتم عن طاعتهما ، { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا } محمد صلى الله عليه وسلم ، { ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } [ آية : 92 ] فى تحريم ذلك ، فلما نزلت هذه الآية فى تحريم الخمر ، ، قال حيى بن أخطب ، وأبو ياسر ، وكعب ابن الأشرف للمسلمين : فما حال من مات منكم ، وهم يشربون الخمر ؟ فذكروا ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : إن إخواننا ماتوا وقتلوا ، وقد كانوا يشربونها ، فأنزل الله عز وجل : { لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ } ، يعنى حرج ، { فِيمَا طَعِمُوۤاْ } ، يعنى شربوا من الخمر قبل التحريم ، { إِذَا مَا ٱتَّقَواْ } المعاصى ، { وَآمَنُواْ } بالتوحيد ، { وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } ، يعنى أقاموا الفرائض قبل التحريم ، { ثُمَّ اتَّقَواْ } المعاصى ، { وَآمَنُواْ } بما يجىء من الناسخ والمنسوخ ، { ثُمَّ اتَّقَواْ } المعاصي بعد تحريمها { وَآمَنُواْ } يعني صدقوا { ثُمَّ اتَّقَواْ } الشرك { وَّأَحْسَنُواْ } العمل بعد تحريمها ، فمن فعل ذلك ، فهو محسن ، { وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } [ آية : 93 ] ، " فقال النبى صلى الله عليه وسلم للذى سأله : " قيل لى إنك من المحسنين " " .