Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 27-28)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ قَفَّيْنَا } يعني اتبعنا { عَلَىٰ آثَارِهِم } من بعدهم يعني من بعد نوح وإبراهيم وذريتهما { بِرُسُلِنَا } في الأمم { وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ } يقول : واتبعنا بعيسى ابن مريم { وَآتَيْنَاهُ } يعني وأعطيناه { ٱلإِنجِيلَ } في بطن أمه { وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ } يعني اتبعوا عيسى { رَأْفَةً وَرَحْمَةً } يعني المودة ، كقوله : { رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } [ الفتح : 29 ] ، يقول : متوادين بعضهم لبعض جعل الله ذلك في قلوب المؤمنين بعضهم لبعض . ثم استأنف الكلام ، فقال : { وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا } وذلك أنه لما كثر المشركون وهزموا المؤمنين وأذلوهم بعد عيسى ابن مريم ، واعتزلوا واتخذوا الصوامع فطال عليهم ذلك ، فرجع بعضهم عن دين عيسى ، عليه السلام ، وابتدعوا النصرانية ، فقال الله عز وجل : { وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا } تبتلوا فيها للعبادة في التقديم { مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ } ولم نأمرهم بها { إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ رِضْوَانِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا } يقول : لم يرعوا ما أمروا به يقول : فما أطاعوني فيها ، ولا أحسنوا حين تهودوا وتنصروا ، وأقام أناس منهم على دين عيسى ، عليه السلام ، حتى أدركوا محمداً صلى الله عليه وسلم فآمنوا به وهم أربعون رجلاً اثنان وثلاثون رجلاً من أرض الحبشة ، وثمانية من أرض الشام ، فهم الذين كنى الله عنهم ، فقال : { فَآتَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } يقول : أعطينا الذين آمنوا { مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ } يعني صدقوا يعني جزاءهم وهو الجنة . قال : { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } [ آية : 27 ] يعني الذين تهودوا ، وتنصروا فجعل الله تعالى لمن آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الإنجيل أجرهم مرتين بإيمانهم بالكتاب الأول ، كتاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فافتخروا على أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقالوا : نحن أفضل منكم في الأجر لنا أجران بإيماننا بالكتاب الأول ، والكتاب الآخر الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فشق على المسلمين ، فقالوا : ما بالنا قد هاجرنا مع النبى صلى الله عليه وسلم وآمنا به قبلكم ، وغزونا معه ، وأنتم لم تغزو ، فانزل الله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } يعني وحدوا الله { وَآمِنُواْ بِرَسُولِهِ } يقول : صدقوا بمحمد صلى الله عليه وسلم { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ } أجرين { مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } يعني تمرون به على الصراط إلى الجنة نوراً تهتدون به { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } ذنوبكم { وَٱللَّهُ غَفُورٌ } لذنوب المؤمنين { رَّحِيمٌ } [ آية : 28 ] بهم .