Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 31-35)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ } ، يعنى بالبعث ، { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً } ، يعنى يوم القيامة بغتة ، يعنى فجأة ، { قَالُواْ يٰحَسْرَتَنَا } ، يعنى كفار قريش ، { عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا } ، يقولون : يا ندامتنا على ما ضيعنا فى الدنيا من ذكر الله ، ثم قال : { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } [ آية : 31 ] ، وذلك أن الكافر إذا بعث فى الآخرة ، أتاه عمله الخبيث فى صورة حبشى ، أشوه ، منتن الريح ، كريه المنظر ، فيقول له الكافر : من أنت ؟ فيقول : أنا عملك الخبيث ، قد كنت أحملك فى الدنيا بالشهوات واللذات ، فاحملنى اليوم ، فيقول : وكيف أطيق حملك ؟ فيقول : كما حملتك ، فيركب ظهره ، فذلك قوله : { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } ، يعنى ألا بئس ما يحملون . { وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَعِبٌ } ، يعنى إلا باطل ، { وَلَهْوٌ } يكون فى الدنيا ، { وَلَلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ } ، يثنى عل الجنة ، يقول : ولدار الجنة أفضل من الدنيا ، { لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ } الشرك ، { أَفَلاَ } ، يعنى فهلا { تَعْقِلُونَ } [ آية : 32 ] أن الدار الآخرة أفضل من الدنيا ؛ لأنها بعد دار الدنيا ، وإنما سميت الدنيا ؛ لأنها أدنى إلينا من دار الآخرة . { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ } ، نزلت فى الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصى ، كان الحارث يكذب النبى صلى الله عليه وسلم فى العلانية ، فإذا خلا مع أهل ثقته ، قال : ما محمد من أهل الكذب ، وإنى لأحسبه صادقاً ، وكان إذا لقى النبى صلى الله عليه وسلم ، قال : إنا لنعلم أن هذا الذى تقول حق ، وإنه لا يمنعنا أن نتبع الهدى معك إلا مخافة أن يتخطفنا الناس ، يعنى العرب ، من أرضنا إن خرجنا ، فإنما نحن أكلة رأس ، ولا طاقة لنا بهم ، نظيرها فى القصص : { وَقَالُوۤاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ } [ القصص : 57 ] ، فأنزل الله : { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ } فى العلانية بأنك كذاب مفتر ، { فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ } فى السر بما تقول بأنك نبى رسول ، بل يعلمون أنك صادق ، وقد جربوا منك الصدق فيما مضى ، { وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } [ آية : 33 ] ، يعنى بالقرآن بعد المعرفة . { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ } ، وذلك قبل كفار مكة ؛ لأن كفار مكة ، قالوا : يا محمد ، ما يمنعك أن تأتينا بآية كما كانت الأنبياء تجئ بها إلى قومهم ، فإن فعلت صدقناك ، وإلا فأنت كاذب ، فأنزل الله يعز نبيه صلى الله عليه وسلم ليصبر على تكذيبهم إياه ، وأن يقتدى بالرسل قبله : { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ } { فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا } فى هلاك قومهم ، وأهل مكة بمنزلتهم ، فذلك قوله : { وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ } ، يعنى لا تبديل لقول الله بأنه ناصر محمد صلى الله عليه وسلم ، ألا وقوله حق كما نصر الأنبياء قبله ، { وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ } ، يعنى من حديث { ٱلْمُرْسَلِينَ } [ آية : 34 ] حين كذبوا وأوذوا ثم نصروا . { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ } ، يعنى ثقل عليك ، { إِعْرَاضُهُمْ } عن الهدى ، ولم تصبر على تكذيبهم إياك ، { فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ } ، يعنى سرباً ، { أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ } ، أى فإن لم تستطع فأت بسلم ترقى فيه إلى السماء ، { فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ } فافعل إن استطعت ، ثم عزى نبيه صلى الله عليه وسلم ليصبر على تكذيبهم ، فقال : { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } [ آية : 35 ] ، فإن الله لو شاء لجعلهم مهتدين .