Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 130-136)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ } ، يعني أهل مصر ، بِٱلسِّنِينَ ، يعني قحط المطر ، { وَنَقْصٍ مِّن ٱلثَّمَرَاتِ } ، فأصابهم الجوع ، { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } [ آية : 130 ] ، يعني لعلهم يتذكرون . { فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ } ، يعني الخير والخصب ، { قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ } ، يعنون نحن أحق بهذا ، { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } ، يعني الجوع ، والبلاء ، وقحط المطر ، وهلاك الثمار والمواشى ، { يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ } على دينه ، تسألوا أصابنا هذا الشر من سحر موسى ، يقول الله : { أَلاۤ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهُ } ، يقول : إن الذي أصابهم هو من الله ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ } ، يعني أهل مصر ، { لاَ يَعْلَمُونَ } [ آية : 131 ] أنه من الله الذي أصابهم . { وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا } ، يعني الآيات التسع ، { فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } [ آية : 132 ] ، يعني بمصدقين ، يعني بأنك رسول رب العالمين . { فَأَرْسَلْنَا } ، فلما قالوا ذلك أرسل الله { عَلَيْهِمُ } السنين ، ونقص من الثمرات ، والنبات ، و { ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مّفَصَّلاَتٍ } ، يعني باينات بعضها من بعض بين كل آيتين ثلاثين يوماً ، { فَٱسْتَكْبَرُواْ } ، يعني فتكبروا عن الإيمان ، { وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } [ آية : 133 ] . فأما الطوفان ، فهو الماء طغى فوق حروثهم وزروعهم مطرداً ثمانية أيام في ظلمة شديدة لا يرون فيها شمساً ولا قمراً ، ولا يخرج منهم أحد إلى صنعته ، فخافوا الغرق ، فصرخوا إلى فرعون ، فأرسل إلى موسى ، فقال : يا أيها الساحر ، ادع لنا ربك أن يكشف عنا هذا المطر ، فإن يكشفه لنؤمنن لك ، ولنرسلن معك بني إسرائيل ، فقال : لا أفعل ما زعمتم أني ساحر فقالوا : يا موسى ، ادع لنا ربك ، فدعا ربه ، فكشف عنهم المطر ، فنبت من الزرع والعشب ما لم ير مثله قط ، فقالوا : لقد جزعنا من أمر كان خيراً لنا ، فنكثوا العهد ، فأرسل الله عليهم الجراد ثمانية أيام ، وملئت الأرض حتى كانوا لا يرون الأرض من كثرته ، قدر ذراع ، فأكل النبات ، حتى خافوا ألا يبقى لهم شىء . فقال فرعون : يا موسى ، ادع لنا ربك أن يكشف عنا فنؤمن لك ، فدعا موسى ربه ، فبعث الله ريحاً ، فاحتملت الجراد فألقته في البحر ، قالوا : قد بقى لنا ما نتبلغ به حتى يدركنا الغيث ، فنكثوا ، فأرسل الله عليهم القمل ، وهو الدبى ، فغشى كل شيء منهم ، فلم يبق عوداً أخضر من الزرع والنبات إلا أكله ، قال فرعون لموسى : ادع لنا ربك أن يكشفه عنا ونؤمن لك ، فدعا ربه ، فأمات القمل ، وبقى لهم ما يتبلغون ، فنكثوا ، قالوا : يا موسى ، هل يستطيع ربك أن يفعل بنا أشد من هذا ؟ فأرسل الله عليهم الضفادع ، فدبت في بيوتهم ، وعلى ظهورهم ، فكان يستيقظ الرجل من نومه وعليه منهم كثرة ، فقال فرعون لموسى : ادع لنا ربك فيهلكه ، فإنه لم يعذب أحد قط بالضفادع ، فدعا موسى ربه ، فأمات الضفادع ، فأرسل الله مطراً جواداً ، فجرى بهم الماء حتى قذفهم في البحر . فقالوا : إنما كان هذا الضفادع من المطر الذي كان أصابنا ، فلن يعود إلينا أبداً ، فنكثوا ، فأرسل الله عليهم الدم ، حتى صارت أنهارهم وركاباهم دماً ، وأنهار بني إسرائيل ماء عذباً ، فإذا دخل القبطى ليستقى من ماء بني إسرائيل ، صار دماً ما بين يديه وما خلفه صاف ، إذا تحول ليأخذ من الصافى ، صار دماً وخلفه صاف ، فمكثوا ثلاثة أيام لا يذوقون ماء صافياً ، فقالوا لفرعون : هلكنا وهلكت مواشينا وذرارينا من العطش ، فقال لموسى : ادع لنا ربك ليكشف عنا ، ونعطيك ميثاقاً لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل ، فدعا موسى ربه ، فكشفه عنهم ، ولما شربوا الماء نكثوا العهد . فذلك قوله : { وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ ٱلرِّجْزُ } ، يعني العذاب الذي كان نزل بهم ، { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ } ، يعني هذا العذاب كله ، { لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } [ آية : 134 ] إلى فلسطين . يقول الله : { فَلَماَّ كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ } ، يعني الغرق ، { إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } [ آية : 135 ] العهد الذي عاهدوا عليه موسى ، عليه السلام ، لقولهم : لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل إلى فلسطين . يقول الله : { فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ } بلسان العبرانية ، يعني به البحر ، وهو نهر بمصر ، { بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } ، يعني الآيات التسع ، قالوا : يا أيها الساحر ، أنت الذي تعمل هذه الآيات ، وإنها سحر ، وليست من الله ، { وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } [ آية : 136 ] ، يعني معرضين ، فلم يتفكروا فيها فيعتبرون . قال فرعون لموسى في حم الزخرف : { يٰأَيُّهَا ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } [ الزخرف : 49 ] ، فقال : لا أدعو وأنتم تزعمون أني ساحر ، فقال في الأعراف : { يٰمُوسَىٰ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } [ الأعراف : 134 ] ، يعني سل لنا ربك .