Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 23-31)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ تَنزِيلاً فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } يعني حتى يحكم الله بينك وبين أهل مكة ، ولا تشتم إذا شتمت ، ولا تغتظ إذا ضربت { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً } [ آية : 24 ] وهو الوليد بن المغيرة ابن هشام المخزومي ، قال : أو كفوراً ، أو هاهنا صلة ، والكفور : هو عتبة بن ربيعة ، وذلك أنهم خلوا به في دار الندوة ، وفيهم عمرو بن عمير بن مسعود الثقفي ، فقالوا : يا محمد ، أخبرنا لم تركت دين آبائك وأجدادك ؟ فقال الوليد بن المغيرة : إن طلبت مالاً أعطيتك نصف مالي على أن تدع مقالتك هذه ، وقال أبو البخترى بن هشام : واللت والعزى إن ارتد عن دينه لأزوجنه ابنتي ، فإنها أحسن النساء ، وأجملهن جمالاً ، وأفصحهن قولاً ، وأبلغهن علماً ، وقد علمت العزى بذلك ، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فلم يجبهم شيئاً ، فقال ابن مسعود الثقفي : ما لك لا تجيبنا إن كنت تخاف عذاب ربك وذمه أجرتك فضحك النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك ، وقبض ثوبه وقام عنهم ، وقال : أقوال وأضعف أعمال ، فأنزل الله عز وجل { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ تَنزِيلاً } فيها تقديم وتأخير { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً } يعني الوليد بن المغيرة وأبا البحترى بن هشام . وقال في قول عمرو بن عمير بن مسعود الثقفى : { قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } [ الجن : 22 ] يعني لا يؤمننى من عذابه أحد ، ولن أجد من دونه مهرباً ، { إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ } [ الجن : 23 ] . وأما قوله : { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } [ آية : 25 ] يعني إذا صليت صلاة الغداة وهو بكرة ، فكبر واشهد أن لا إله إلا هو ، وأصيلا إذا أمسيت وصليت صلاة المغرب ، فكبره واشهد أن لا إله إلا هو ، فهو براءة من الشرك ، فذلك قوله : { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ } بشهادة أن لا إله إلا هو ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الغداة ، ثم يكبر ثلاثاً ، وإذا صلى المغرب كبر ثلاثا { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ } يعني صلاة العشاء الآخرة يقول : صل له قبل أن تنام { وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً } [ آية : 26 ] يعني وصل له بالليل ، وكان قيام الليل فريضة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فتهجد به نافلة لك . ثم رجع إلى قوله عز وجل الأول : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ تَنزِيلاً فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } ، فقال : { إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ } الذين يأمرونك بالكفر { يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ } يعني الدنيا ، لا يهمهم شىء إلا أمر الدنيا الذهب والفضة والبناء والثياب والدواب { وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ } يعني أمامهم وكل شىء في القرآن وراءهم ، يعني أمامهم { يَوْماً ثَقِيلاً } [ آية : 27 ] لأنها تثقل على الكافرين إذا حشروا وإذا وقفوا وإذا حاسبوهم ، وإذا جازوا الصراط فهي مقدار ثلاث مائة سنة وأربعين سنة ، فأما المؤمن ، فإنه ييسر الله خروجه من قبره ، وإذا حشره ، وإذا حاسبه ، وإذا جاز الصراط ، فذلك قوله : { يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } [ المدثر : 9 ، 10 ] . وأما قوله : { نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ } في بطون أمهاتهم وهم نطفة { وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ } حين صاروا شباناً يعني أسرة الشباب ، وما خلق الله شيئاً أحسن من الشباب ، منور الوجه أسود الشعر واللحية قوى البدن ، وقال : { وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ } ذلك السواد والنور بالبياض والضعف { تَبْدِيلاً } [ آية : 28 ] من السواد حتى لا يبقى شىء منه إلا البياض ، فعلم الله عز وجل ، فقال : { إِنَّ هَـٰذِهِ } إن هذا السواد والحسن والقبح { تَذْكِرَةٌ } يعني عبرة { فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } [ آية : 29 ] يعني فمن شاء اتخذ في هذه التذكرة فيعتبر ، فيشكر الله ويوحده ، ويتخذ طريقاً إلى الجنة ، ثم رد المشيئة إليه ، فقال : { وَمَا تَشَآءُونَ } أنتم أن تتخذوا إلى ربكم سبيلا { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } فهو عليكم عمل الجنة { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً } يعني بأهل الجنة { حَكِيماً } [ آية : 30 ] إذ حكم على الشقاء النار . ثم ذكر العلم والقضاء بأنه إليه ، فقال : { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } يعني في جنته { وَٱلظَّالِمِينَ } يعني المشركين { أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [ آية : 31 ] يعني وجعياً .