Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 4-22)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فقال : { إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ } في الآخرة يعني يسرنا للكافرين يعني لمن كفر بنعم الله تعالى { سَلاَسِلاً } يعني سلسلة طولها سبعون ذراعاً بذراع الرجل الطويل من الخلق الأول . حدثني أبي ، رحمه الله ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل بن سليمان ، عن الضحاك بن مزاحم الخراساني ، عن علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " لو أن حلقة من سلاسل جهنم وضعت على ذروة جبل لذاب كما يذوب الرصاص ، فكيف يا ابن آدم ، وهي عليك وحدك " . ثم قال : { وَأَغْلاَلاً } فأما السلاسل ففي أعناقهم ، وأما الأغلال ففي أيديهم ، ثم قال : { وَسَعِيراً } [ آية : 4 ] يعني وقوداً لا يطفأ ، ثم ذكر ما أعد للشاكرين من نعمة ، فقال : { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ } يعني الشاكرين المطيعين لله تعالى ، يعني أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وسلمان الفارسي ، وأبا ذر الغفاري ، وابن مسعود ، وحذيفة بن اليمان ، وأبا عبيدة بن الجراح ، وأبا الدرداء ، وابن عباس { يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ } يعني الخمر ، وأيضاً إن الأبرار ، يعني علي بن أبي طالب وأصحابه الأبرار الشاكرين لله تعالى يشربون من كأس ، سعنى من خمر { كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً } [ آية : 5 ] . ثم ذكر الكافور ، فقال : { عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا } يعني الخمر { عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً } [ آية : 6 ] يعني أولياء الله يمزجون ذلك الخمر ، ثم جاء بذلك الماء ، فهو على برد الكافور ، وطعم الزنجبيل ، وريح المسك لا بمسك أهل الدنيا ، ولا زنجبيلهم ، ولا كافورهم ، ولكن الله تعالى وصف ما عنده بما عندهم لتهتدى إليه القلوب ، ثم ذكر محاسنهم ، فقال : { يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ } يعني من نذر الله نذراً ، فقضى الله حاجته فيوفي لله بما قد نذره ، قال : { وَيَخَافُونَ يَوْماً } يعني يوم القيامة { كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } [ آية : 7 ] يعني كان شراً فاشياً في أهل السماوات والأرض ، فانشقت السماء ، وتناثرت الكواكب ، وفزعت الملائكة ، وكورت الشمس ، والقمر ، فذهب ضوءهما وبدلت الأرض ونسفت الجبال ، وغارت المياه ، وتكسر كل شىء على الأرض من جبل ، أو بناء ، أو شجر ، ففشى شر يوم القيامة فيها . وأما قوله : { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ } أى على حبهم الطعام { مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } [ آية : 8 ] نزلت في أبي الدحداح الأنصاري ، ويقال : في علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وذلك أنه صام يوماً ، فلما أراد أن يفطر دعا سائل ، فقال : عشونى بما عندكم ، فإني لم أطعم اليوم شيئاً ، قال أبو الدحداح ، أو على : قومي فاثردى رغيفاً وصبي عليه مرقة ، وأطعميه ، ففعلت ذلك فما لبثوا أن جاءت جارية يتيمة ، فقالت : أطعمونى ، فإني ضعيفة لم أطعم اليوم شيئاً ، قال : يا أم الدحداح قومي فاثردى رغيفاً وأطعميها ، فإن هذه والله أحق من ذلك المسكين ، فبينما هم كذلك إذ جاء على الباب سائل أسير ينادي ، عشوا الغريب في بلادكم ، فإني أسير في أيديكم وقد أجهدني الجوع ، فبالذي أعزكم وأذلني لما أطعمتموني ، فقال أبو الدحداح : يا أم الدحداح ، قومي ويحك فاثردى رغيفاً وأطعمي الغريب الأسير ، فإن هذا أحق من أولئك فأطعموا ثلاث أرغفة ، وبقى لهم رغيف واحد ، فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم يمدحهم بما فعلوا ، فقال : { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } يعني باليتيم من لا أب له ولا أم ، { وَأَسِيراً } من أسارى المشركين { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ } يعني لمرضات الله تعالى { لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً } [ آية : 9 ] يعني أن تثنوا به علينا { إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً } يعني يوم الشدة . قال الفراء ، وأبو عبيدة : هو المنتهى في الشدة { قَمْطَرِيراً } [ آية : 10 ] يعني إذا عرق الجبين فسال العرق بين عينيه من شدة الهول ، فذلك قوله : { قَمْطَرِيراً } فشكر الله أمرهم ، فقال : { فَوَقَاهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ ٱلْيَومِ } يعني يوم القيامة شر جهنم { وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً } [ آية : 11 ] نضرة في الوجوه وسروراً في القلوب ، وذلك أن المسلم إذا خرج من قبره يوم القيامة نظر أمامه ، فإذا هو بإنسان وجهه مثل الشمس يضحك طيب النفس ، وعليه ثياب بيض ، وعلى رأس تاج ، فينظر إليه حتى يدنو منه ، فيقول : سلام عليك ، يا ولي الله ، فيقول : وعليك السلام من أنت يا عبد الله أنت ملك من الملائكة ؟ فيقول : لا ، والله ، فيقول : أنت نبى من الأنبياء ؟ فيقول : لا والله ، فيقول : أنت من المقربين ؟ فيقول : لا والله ، فيقول : من أنت ؟ فيقول : أنا عملك الصالح أبشرك بالجنة ، والنجاة من النار ، فيقول له : يا عبدالله ، والله أبعلم تبشرنى ؟ فيقول : نعم ، فيقول : ما تريد منى ؟ فيقول له : اركبنى ، فيقول : سبحان الله ، ما ينبغى لمثلك أن يركب عليه ، فيقول : بلى فإني طال ما ركبتك في دار الدنيا ، فإني أسألك بوجه الله ، إلا ما ركبتني ، فيقول : لا تخف أنا دليلك إلى الجنة فيعم ذلك الفرح في وجهه حتى يتلألأ ، ويرى النور والسرور في قلبه ، فذلك قلبه : ولقاهم نضرة وسروراً ، وأما الكافر ، فإنه إذا خرج من قبره نظر أمامه ، فإذا هو برجل قبيح الوجه أزرق العينين أسود الوجه أشد سواداً من القبر في ليلة مظلمة ، وثيابه سود يجر أنيابه في الأرض تدهده دهدهة الرعد ، ريحه أنتن من الجيفة ، فيقول : من أنت يا عدو الله ؟ ويريد أن يعرض بوجهه عنه ، فيقول : يا عدو الله إلى إلى ، وإنا لك اليوم ، فيقول : ويحك أشيطان أنت ؟ فيقول : لا والله ، ولكني عملك ، فيقول : ويحك ، ما تريد مني ؟ فيقول : أريد أن أركبك ، فيقول : أنشدك الله ، مهلاً فإنك تفضحني على رءوس الخلائق ، فيقول : والله ما منك بد فطال ما ركبتنى فأنا اليوم أركبك ، قال فيركبه ، فذلك قوله : { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } [ الأنعام : 31 ] . ثم ذكر أولياءه ، فقال : { وَجَزَاهُمْ } بعد البشارة { بِمَا صَبَرُواْ } على البلا ء { جَنَّةً وَحَرِيراً } [ آية : 12 ] ، فأما الجنة فيتنعمون فيها ، وأما الحرير فليبسونه { مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ } يعني على السرر عليها الحجال { لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً } لا يصيبهم حر الشمس { وَلاَ زَمْهَرِيراً } [ آية : 13 ] يعني ولا يصيبهم برد الزمهرير لأنه ليس فيها شتاء ولا صيف ، فأما قوله : { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا } يعني ظلال الشجر ، وذلك أن أهل الجنة يأكلون من الفواكه إن شاءوا نياماً ، وإن شاءوا قعوداً ، وإن شاءوا قياماً ، إذا أرادوا دنت منهم حتى يأخذوا منها ، ثم تقوم قياماً ، فذلك قوله : { وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً } [ آية : 14 ] يعني أغصانها تذليلاُ . قوله : { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ } فهى الأكواز مدورة الرءوس التى ليس لها عرى ، قال : { كَانَتْ قَوَارِيرَاْ } [ آية : 15 ] ولكنها من فضة ، وذلك أن قوارير الدنيا من ترابها وقوارير الجنة من فضة ، فذلك قوله : { كَانَتْ قَوَارِيرَاْ } ثم قطعها ، ثم استأنفن فقال : { قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } [ آية : 16 ] يعني فدرت الأكواب على الإناء وقدر الإناء على كف الخادم ورى القوم ، فذلك قوله : { قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } . قال : { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً } يعني خمراً ، وكل شراب في الإناء ليس بخمر ، وليس هو بكأس ، فقال : { كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً } [ آية : 17 ] يعني كأنما قد مزج فيه الزنجبيل ، قوله : { عَيْناً فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلاً } [ آية : 18 ] تسيل عليهم من جنة عدن ، فتمر على كل جنة ، ثم ترجع لهم الجنة كلها . وأما قوله : { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } فأما الولدان فهم الغلمان الذين لا يشيبون أبداً مخلدون ، يعني لا يحتملون ، ولا يشيبون أبداً هم على تلك الحال لا يختلفون ولا يكبرون ، قال : { إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } [ آية : 19 ] في الحسن والبياض ، يعني في الكثرة ، مثل اللؤلؤ المنثور الذي لا يتناهى عدده ، قوله : { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ } يعني هنالك في الجنة رأيت { نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } [ آية : 20 ] وذلك أن الرجل من أهل الجنة له قصر ، في ذلك القصر سبعون قصراً ، في كل قصر سبعون بيتاً ، كل بيت من لؤلؤة مجوفة طولها في السماء فرسخ ، وعرضها فرسخ ، عليها أربعة آلاف مصراع من ذهب ، في ذلك البيت سرير منسوج بقضبان الدر والياقوت ، عن يمين السرير ، وعن يساره أربعون ألف كرسى من ذهب قوائمها ياقوت أحمر ، على ذلك السرير سبعون فراشاً ، كل فراش على لون ، وهو جالس فوقها ، وهو متكىء على يساره عليه سبعون حلة من ديباج ، الذى بلى جسده حريرة بيضاء ، وعلى جبهته إكليل مكلل بالزبرجد ، والياقوت ، وألوان الجواهر كل جوهرة على لون . وعلى رأسه تاج من ذهب فيه سبعون ذؤابة ، في كل ذؤابة درة ، تساوى مال المشرق والمغرب ، وفى يديه ثلاث أسورة ، سوار من ذهب ، وسوار من فضة ، وسوار من لؤلؤ ، وفى أصابع يديه ورجليه خواتيم من ذهب وفضة فيه ألوان الفصوص ، وبين يديه عشرة آلاف غلا لا يكبرون ولا يشيبون أبداً ، ويوضع بين يديه مائدة من ياقوتة حمراء ، طولها ميل في ميل ، ويوضع على المائدة سبعون ألف إناء من ذهب وفضة في كل إناء سبعون لوناً من الطعام ، يأخذ اللقمة بيديه ، فما يخطر على باله حتى تتحول اللقمة عن حالها التى يشتهيها ، وبين يديه غلمان بأيديهم أكواب من ذهب ، وإناء من فضة معهم الخمر والماء ، فيأكل على قدر أربعين رجلاً من الألوان كلها ، كلما شبع من لون من الطعام سقوه شربة مما يشتهى من الأشربة فيتجشى . فيفتح الله تعالى عليه ألف باب من الشهوة من الشراب ، فيدخل عليه الطير من الأبواب ، كأمثال النجائب فيقومون بين يديه صفاً ، فينعت كل نقسه بصوت مطرب لذيذ ألذ من كل غناء في الدنيا ، يقول : يا ولي الله ، كلنى إنى كنت أرعى في روضة كذا وكذا ، من رياض الجنة ، فيحلون عليه أصواتها ، فيرفع بصره فينظر إليهم ، فينظر إلى أزهاها صوتاً ، وأجودها نعتاً ، فيشتهيها ، فيعلم الله ما وراء شهوته في قلبه من حبه ، فيجىء الطير فيقع على المائدة بعضه قديد ، وبعضه شواء ، أشد بياضاً من الثلج ، وأحلى من العسل ، فيأكل حتى إذا شبع منها ، واكتفى طارت طيراً كما كانت ، فتخرج من الباب الذى كانت دخلت منه . فهو على الأرائك وزوجته مستقبلة ، يبصر وجهه في وجهها من الصفاء والبياض ، كلما أراد أن يجامعها ينظر إليها ، فيستحى أن يدعوها ، فتعلم ما يريد منها زوجها ، فتدنو إليه ، فتقول : بأبى وأمى ، ارفع رأسك فانظر إلى فإنك اليوم لى ، وأنا لك فيجامعها على قوة مائة رجل من الأولين ، وعلى شهوة أربعين رجلاً كلما أتاها وجدها عذراء ، لا يغفل عنها مقدار أربعين يوماً ، فإذا فرغ وجد ريح المسك منها ، فيزداد حباً لها ، فيها أربعة آلاف وثمان مائة زوجة مثلها لك زوجة سبعون خادماً وجارية . حدثنا عبدالله بن ثابت ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، قال : لو أن جارية أو خادماً خرجت إلى الدنيا لا قتتل عليها أهل الأرض كلهم ، حتى يتفانوا . ولو أن الحور العين أرخت ذؤابتها في الأرض لأطفأت الشمس من نورها ، " قيل : يا رسول الله ، وكم بين الخادم والمخدوم ؟ قال : والذى نفسى بيده ، إن بين الخادم والمخدوم كالكوكب المضىء إلى جنب القمر في النصف ، قال : فبينما هو جالس على سريره إذ يبعث الله عز وجل إليه مالكاً معه سبعون حلة كل حلة على لون واحد ، ومعه التسليم ، والرضا ، فيجىء الملك حتى يقوم على بابه ، فيقول لحاجبه : ائذن لي على ولي الله ، فإني رسول رب العالمين إليه ، فيقول الحاجب : والله ، ما أملك منه المناجاة ، ولكن سأذكرك إلى من يلينى من الحجبة ، فلا يزالون يذكرون بعضهم إلى بعض حتى يأتيه الخبر بعد سبعين باباً ، يقول : يا ولي الله ، إن رسول رب العزة على الباب ، فيأذن له بالدخول عليه ، فيقول : السلام عليك ، يا ولي الله ، إن الله يقرئك السلام ، وهو عنك راض ، فلولا أن الله تعالى لم يقض عليه الموت لمات من الفرح " ، فذلك قوله : { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ } يا محمد ، ثم يعني هناك رأيت نعيماً ، يعني بالنعيم الذى هو فيه وملكاً كبيراً حين لا يدخل عليه رسول رب العزة إلا بإذن . ثم قال : { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ } يعني الديباج ، وإنما قال : عاليهم لأن الذى يلي جسده حريرة بيضاء ، قال : { وَحُلُّوۤاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ } وقال في آية أخرى يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ، فهى ثلاث أسورة ، قوله : { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } [ آية : 21 ] وذلك أن على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان ، فإذا جاز الرجل الصراط إلى العين ، يدخل في عين منها فيغتسل فيها ، فيخرج وريحه أطيب من المسك طوله سبعون ذراعاً في السماء على طول آدم عليه السلام ، وميلاد عيسى ابن مريم ، أبناء ثلاث وثلاثين سنة ، فأهل الجنة كلهم رجالهم ونساؤهم على قدر واحد يكبر الصغير حين يكون ابن ثلاث وثلاثين سنة ، وينحط الشيخ عن حاله إلى ثلاث وثلاثين سنة ، كلهم رجالهم ونساؤهم على قدر واحد في حسن يوسف بن يعقوب ، عليهما السلام ، ويشرب من العين الأخرى فينقى ما في صدره من غل ، أو هم ، أو حد ، أو حزن ، فيظهر الله قلبه بذلك الماء ، فيخرج وقلبه على قلب أيوب ، عليه السلام ، ولسان محمد صلى الله عليه وسلم عربى ، ثم ينطلقون حتى يأتوا الباب ، فتقول لهم الخزنة : طبتم ، يقولون : نعم ، فتقول : ادخلوها خالدين يبشرونهم بالخلود قبل الدخول ، بأنهم لا يخرجون منها أبداً ، فأول ما يدخل من باب الجنة ، ومعه الملكان اللذان كانا معه في دار الدنيا الكرام الكاتبين ، فإذا هو بملك معه بختية من ياقوتة حمراء زمامها ياقوتة خضراء ، فإذا كانت البختية من ياقوتة خضراء كان زمامها من ياقوتة حمراء ، عليها راحلة مقدمها ومؤخرها در وياقوت ، صفحتها الذهب والفضة ، ومعه سبعون حلة فيلبسه ويضع على رأسه التاج ، ومعه عشرة آلاف غلام كاللؤلؤ المكنون ، فيقول : يا ولي الله ، اركب فإن هذا لك ، ولك مثلها فيركبها ، ولها جناحان ، خطوة منها منتهى البصر فيسير على بختيته وبين يديه عشرة آلاف غلام ، ومعه الملكان اللذان كانا معه في دار الدنيا حتى يأتي إلى قصوره فينزلها ، { إِنَّ هَـٰذَا } الذى قضيت لكم { كَانَ لَكُمْ جَزَآءً } لأعمالكم { وَكَانَ سَعْيُكُم } يعني عملكم { مَّشْكُوراً } [ آية : 22 ] يعني شكر الله أعمالهم فأثابهم بها الجنة .