Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 27-35)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } ، يعنى أبا لبابة ، وفيه نزلت هذه الآية ، نظيرها فى المتحرم { وَتَخُونُوۤاْ } [ التحريم : 10 ] يعنى فخالفتاهما فى الدين ، ولم يكن فى الفرج ، واسمه مروان بن عبد المنذر الأنصارى ، من بنى عمرو بن عوف ، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة ، فسألوا الصلح على مثل صلح أهل النصير ، على أن يسيروا إلى إخواتهم إلى أذرعات وأريحا فى أرض الشام ، وأبى النبى صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا إلا على الحكم ، فأبوا ، وقالوا : أرسل إلينا أبا لبابة ، وكان مناصحهم ، وهو حليف لهم ، فبعثه النبى صلى الله عليه وسلم إليهم ، فلما أتاهم ، قالوا : يا أبا لبابة ، أتنزل على حكم محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار أبا لبابة بيده إلى حلقه إنه الذبح ، فلا تنزلوا على الحكم ، فأطاعوه ، وكان أبو لبابة وولده معهم ، فغش المسلمين وخان ، فنزلت فى أبى لبابة { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } { وَتَخُونُوۤاْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [ آية : 27 ] أنها الخيانة . ثم حذرهم ، فقال { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } ، يعنى بلاء ؛ لأنه ما نصحهم إلا من أجل ماله وولده ؛ لأنه كان فى أيديهم ، { وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ } ، يعني جزاء { عَظِيمٌ } [ آية : 28 ] ، يعني الجنة . { يِا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إَن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، فلا تعصوه ، { يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً } ، يعنى مخرجاً من الشبهات ، { وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ } ، يعنى ويمحو عنكم خطاياكم ، { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } ، يقول : ويتجاوز عنكم ، { وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } [ آية : 29 ] . { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وذلك أن نفراً من قريش ، منهم : أبو جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وهشام بن عمرو ، وأبو البحتري بن هشام ، وأمية بن خلف ، وعقبة بن أبى معيط ، وعيينة بن حصن الفزارى ، والوليد بن المغيرة ، والنضر بن الحارث ، وأبي بن خلف ، اجتمعوا فى دار الندوة بمكة يوم ، وهو يوم السبت ليمكروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فأتاهم إبليس فى صورة رجل شيخ كبير ، فجلس معهم ، فقالوا : ما أدخلك في جماعتنا بغير إذننا ، قال : إنما أنا رجل من أهل نجد ، ولست من أهل تهامة ، قدمت مكة فرأيتكم حسنة وجوهكم ، طيبة ريحكم ، نقية ثيابكم ، فأحببت أن أسمع من حديثكم ، وأستر عليكم ، فإن كرهتم مجلسى خرجت من عندكم ، فقالوا : هذا رجل من أهل نجد ، وليس من أهل تهامة ، فلا بأس عليكم منه ، فتعملوا بالمكر بمحمد . فقال أبو البحترى بن هشام ، من بنى أسد بن عبد العزى : أما أنا فرأيى أن تأخذوا محمداً ، فتجعلوه فى بيت ، وتسدوا بابه ، وتدعوا له كوة ، يدخل منها طعامه وشرابه حتى يموت ، قال إبليس : بئس والله الرأى رأيتم ، تعمدون إلى رجل له فيكم صغو قد سمع به من حولكم ، فتحبسونه فتعطمونه وتسقونه فيوشك الصغو الذى له فيكم أن يقاتلكم عليه ، فيفسد جماعتكم ويسفك دماءكم ، فقالوا : صدق والله الشيخ . فقال هشام بن عمرو ، من بنى عامر بن لؤى : أما أنا ، فرأيى أن تحملوا محمداً على بعير ، فيخرج من أرضكم ، فيذهب حيث شاء ، ويليه غيركم ، قال إبليس : بئس والله الرأى رأيتم ، تعمدون إلى رجل قد شتت وأفسد جماعتكم ، واتبعه منك طائفة ، فتخرجوه إلى غيركم ، فيفسدهم كما أفسدكم ، فيوشك والله أن يقبل بهم عليكم ويتولى الصغو الذى له فيكم ، قالوا : صدق والله الشيخ . فقال أبو جهل بن هشام المخزومي : أما أنا ، فرأيي أن تعمدوا إلى كل بطن من قريش ، فتأخذوا من كل بطن رجلاً ، ثم تعطوا كل رجل منهم سيفاً ، فيضربونه جميعاً بأسيافهم ، فلا يدري قومه من يأخذون به ، وتؤدي قريش ديته ، قال إبليس : صدق والله الشاب ، إن الأمر لكما قال ، فتفرقوا على قول أبي جهل . فنزل جبريل ، عليه السلام ، فأخبره بما ائتمر به القوم ، وأمره بالخروج ، فخرج النبى صلى الله عليه وسلم من ليلته إلى الغار ، وأنزل الله عز وجل : { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من قريش { لِيُثْبِتُوكَ } ، يعنى ليحبسوك فى بيت ، يعني أبا البحتري بن هشام ، { أَوْ يَقْتُلُوكَ } ، يعنى أبا جهل ، { أَوْ يُخْرِجُوكَ } من مكة ، يعني به هشام بن عمرو ، { وَيَمْكُرُونَ } بالنبي صلى الله عليه وسلم الشر ، { وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ } بهم حين أخرجهم من مكة فقتلهم ببدر ، فذلك قوله : { وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } [ آية : 30 ] أفضل مكراً منهم ، أنزل الله : { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ } ، يقول : أم أجمعوا على أمر ، { فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } [ الزخرف : 79 ] ، يقول : لنخرجنهم إلى بدر فنقتلهم ، أو نعجل أرواحهم إلى النار . قوله : { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا } ، يعنى القرآن ، { قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا } القرآن ، قال ذلك النضر بن الحارث بن علقمة ، من بني عبد الدار بن قصي ، ثم قال : { إِنْ هَـٰذَآ } الذى يقول محمد من القرآن { إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ آية : 31 ] ، يعنى أحاديث الأولين ، يعني محمداً صلى الله عليه وسلم يحدث عن الأمم الخالية ، وأنا أحدثكم عن رستم واسفنديار كما يحدث محمد ، فقال عثمان بن مظعون الجمحي : اتق الله يا نضر ، فإن محمداً يقول الحق ، قال : وأنا أقول الحق ، قال عثمان : فإن محمداً يقول : لا إله إلا الله ، قال : وأنا أقول : لا إله إلا الله ، ولكن الملائكة بنات الله . فأنزل الله عز وجل فى حم الزخرف ، فقال : { قُلْ } يا محمد : { إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } [ الزخرف : 81 ] ، أول الموحدين من أهل مكة ، فقال عند ذلك : ألا ترون قد صدقنى : { إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ } ، قال الوليد بن المغيرة : لا والله ما صدقك ، ولكنه قال : ما كان للرحمن ولد ، ففطن لها النضر ، فقال : { وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا } ما يقول محمد { هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ } ، يعنى القرآن ، { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ آية : 32 ] ، يعنى وجيع . فأنزل الله : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ } ، يعنى أن يعذبهم { وَأَنتَ فِيهِمْ } بين أظهرهم حتى يخرجك عنهم كما أخرجت الأنبياء عن قومهم ، { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [ آية : 33 ] ، يعنى يصلون لله ، كقوله : { وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [ الذاريات : 18 ] ، يعنى يصلون ، وذلك أن نفراً من بنى عبد الدار ، قالوا : إنا نصلي عند البيت ، فلم يكن الله ليعذبنا ونحن نصلي له . ثم قال : { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } إذ لم يكن نبي ولا مؤمن بعد ما خرج النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من أهل مكة ، { وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } المؤمنين ، { وَمَا كَانُوۤاْ أَوْلِيَآءَهُ } ، يعني أولياء الله ، { إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ } ، يعني ما أولياء الله { إِلاَّ ٱلْمُتَّقُونَ } الشرك ، يعني المؤمنين أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [ آية : 34 ] ، يقول : أكثر أهل مكة لا يعلمون توحيد الله عز وجل . وأنزل الله عز وجل فى قول النضر أيضاً حين قال : { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } ، يعنى وجيع ، أنزل : { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ … } [ المعارج : 1 ] إلى آيات منها . ثم أخبر عن صلاتهم عند البيت ، فقال : { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ } ، يعنى عند الكعبة الحرام ، { إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً } ، يعني بالتصدية الصفير والتصفية ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فى المسجد الحرام ، قام رجلان من بني عبد الدار بن قصي من المشركين عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم ، فيصفران كما يصفر المكاء ، يعنى به طيراً اسمه المكاء ، يعنى به طيراً اسمه المكاء ، ورجلان عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم فيصفقان بأيديهما ليخلطا على النبي صلى الله عليه وسلم صلاته وقراءته ، فقتلهم الله ببدر هؤلاء الأربعة ، ولهم يقول الله ولبقية بني عبد الدار : { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } ، يعني القتل ببدر ، { بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } [ آية : 35 ] بتوحيد الله عز وجل .