Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 83, Ayat: 18-36)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أوعدهم ، فقال : { كَلاَّ } ثم انقطع الكلام ، ثم رجع إلى قوله فى : ويل للمطففين ، فقال : { إِنَّ كِتَابَ ٱلأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ } [ آية : 18 ] لفي ساق العرش ، يعني أعمال المؤمنين وحسناتهم { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ } [ آية : 19 ] تعظيماً لها ، فقال : { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } [ آية : 20 ] يعني كتاب من كتب الخير مختوم ختم بالرحمة مكتوب عند الله عز وجل { يَشْهَدُهُ } يشهد ذلك { ٱلْمُقَرَّبُونَ } [ آية : 21 ] وهم الملائكة من كل سماء سعبة أملاك من مقربى أهل كل سماء يشيعون ذلك العمل الذي يرضاه الله حتى ثبوته عند الله جل وعز ، ثم يرجع كل ملك إلى مكانه . ثم ذكر الأبرار ، فقال : { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } [ آية : 22 ] يعني نعيم الجنة ، ثم بين ذلك النعيم ، فقال : { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ } [ آية : 23 ] إلى ذلك النعيم وهي السرر والحجال ، فإذا كان سريراً ، ولم يكن عليه حجلة فهو السرير حينئذ ، وإذا كانت الحجلة ، ولم يكن فيها سرير فهى الحجلة ، فإذا اجتمع السرير والحجلة ، فهى الأرائك يعني هؤلاء جلوس ينظرون إلى ذلك النعيم . يقول : { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } [ آية : 24 ] لأنه يعلق في وجهه النور من الفرح والنعيم ، فلا يخفى عليك إذا نظرت إليهم فرحون ، ثم قال : { يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ } [ آية : 25 ] وهو الخمر الأبيض إذا أنتهى طيبه { خِتَامُهُ مِسْكٌ } إذا شرب وفرغ ونزع الإناء من فيه وجد طعم المسك { وَفِي ذَلِكَ } يعني فليتنازع المتنازعون ، وفيه فليرغب الراغبون . ثم قال : { فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَافِسُونَ } [ آية : 26 ] يعني فليتنازع المتنازعون ، وفيه فليرغب الراغبون ، ثم قال : { وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ عَيْناً } من جنة عدن ، فتنصب عليم أنصباباً ، فذلك قوله : { يَشْرَبُ بِهَا ٱلْمُقَرَّبُونَ } [ آية : 28 ] يقول : يشربون به الخمر من ذلك الماء ، وهم أهل جنة عدن ، وهي أربعة جنان ، وهي قصبة الجنة ، ماء تسنيم يخرج من جنة عدن ، والكوثر ، والسلسبيل ، ثم انقطع الكلام ، قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ } [ آية : 29 ] نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب وأصحابه ، وذلك أنهم كانوا يمرون كل يوم على المنافقين واليهود وهم ذاهبون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا رأوهم سخروا منهم وتغامزوا في أمرهم ، وضحكوا منهم ، وإذا رجعوا إلى أصحابهم ، ضحكوا منهم ، وذلك أن عبدالله بن نتيل لقى بدعة بن الأقرع ، فقال : أشعرت أنا رأينا اليوم الأصلع فضحكنا من ؟ قال : كيف ؟ قال : لأنه يمشى بين أيديهم ، وهم خلفه لا يجاوزنه ، كأنه هو الذي يدلهم على الطريق ، فسمع بذلك أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، فشق عليه وعلى أصحابه فتركوا ذلك الطريق وأخذوا طريقاً آخر ، فأنزل الله عز وجل فيهم : { إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ } . { وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ } [ آية : 31 ] يعني عبدالله بن نتيل ، يعني إذا رجعوا إلى قومهم رجعوا معجبين بما هم عليه من الضلالة بما فعلوا بعلي وأصحابه ، رحمهم الله ، { وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ } [ آية : 33 ] . ثم أخبر بجزائهم على الله تعالى : { فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ } والأرائك السرير في الحجلة ، يقول : جلوس من الحجلة يضحكون من أعدائهم ، وذلك أن لكل رجل من أهل الجنة ثلمة ، ينظرون إلى أعداء الله كيف يعذبون ؟ فإذا نظروا إلى أهل النار وما يلقون هم من رحمة الله عز وجل ، وعرفوا أن الله قد أكرمهم ، فهم ضاحكون من أهل النار ، ويكلمونهم حتى يطبق على أهل النار أبوابها في عمد من حديد من نار كأمثال الجبال ، فإذا أطبقت عليهم انسدت تلك الكوى ، فيمحو الله أسمائهم ويخرجهم من قلوب المؤمنين ، فذلك قوله : { يَنظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [ آية : 36 ] يعني ينظرون من الكوى ، فإذا رأوهم ، قالوا : والله قد ثوب الكفار ما كانوا يفعلون .